وكيع على صدره فقتَله، فقال بعضُ الوُلاة لوَكيع: كيف قتلتَ ابنِ خازم؟ قال: غلبتُه بفَضْل القَنا، فلمَّا صُرع قعدتُ على صدره، فحاول القيام فلم تقدِر عليه، وقلتُ: يا لَثارات دُوَيلة! ودُويْلَةُ أخ لوَكيع لأمّه، قُتِل قبل ذلك في غير تلك الأيَّام.
قال وكيع: فتَنخَّم في وجهي وقال: لعنك الله! تقتل كبش مضَر. بأخيك، علْج لا يساوي كفًّا من نوىً - أو قال: مِن تراب - فما رأيت أحدًا أكثر ريقَّا مَنه على تلك الحال عند الموت.
قال: فذَكَر ابنُ هُبيرة يومًا هذا الحديثَ فقال: هذه واللهِ البَسالة.
قال: وبعث بَحِير ساعةَ قُتل ابن خازم رجلًا من بني غُدانة إلى عبد الملك بن مَرْوان يُخبره بقتل ابن خازم، ولم يَبعث بالرأس، وأقبل بُكَير بنُ وشاح في أهل مَرو فوافاهم حين قتل ابن خازم، فأراد أخذ رأس ابن خازم، فمنعَه بحِيرٌ، فضربه بكير بعمود، وأخذ الرأس وقَتد بحيرًا وحبسه، وبعث بكير بالرأس إلى عبد الملك، وكتب إليه يُخبره أنَّه هو الذي قتله، فلمَّا قُدِم بالرأس على عبد الملك دعا الغُدانيّ رسولَ بَحير وقال: ما هذا؟ قال: لا أدري، وما فارقتُ القومَ حتَّى قُتِل، فقال رجل من بني سُليم:
أَليْلتَنا بنيسابُورَ رُدِّي ... عليَّ الصبحَ وَيْحك أو أَنِيرِي
كواكبُها زَواحِفُ لا غِبَاتٌ ... كأَنَّ سماءَها بيدي مُدِيرِ
تَلومُ على الحوادثِ أُمُّ زيدٍ ... وهل لكِ في الحوادثِ من نكيرِ!
جَهلن كَرامتي وصَدَدن عَنِّي ... إلى أجل من الدّنيا قصير
فلو شهدَ الفوارسُ من سُلَيْمٍ ... غداةَ يُطاف بالأَسَدِ العَقيرِ
لنازَلَ حولهُ قومٌ كرامٌ ... فعزَّ الوِترُ في طلب الوُتورِ
فقد بَقِيتْ كلابٌ نابِحاتٌ ... وما في الأَرضِ بعدَك من زَئيرِ
فولى الحجّ بالناس في هذه السنة الحجَّاج بن يوسف.
وكان العامل على المدينة طارقٌ مولى عثمان من قِبَل عبد الملك، وعلى الكوفة بِشْر بنُ مروان، وعلى قضائها عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبةَ بن مسعود. وعلى البصرة خالدُ بنُ عبد الله بن خالد بن أسيد، وعلى قضائها هشام بنُ هُبيرة، وعلى خُراسان في قول بعضهم عبدُ الله بنُ خازم السُّلَميّ، وفي قولِ