فذكر عليّ، عن ابن شهاب العبدّي، قال: نزل قحطبة الجبارية فقال: صدقني الإمام أخبرني أن النصر بهذا المكان، وأعطى الجند أرزاقهم، فردّ عليه كاتبه ستة عشر ألف درهم، فضل الدرهم والدرهمين وأكثر وأقل، فقال: لا تزالون بخير ما كنتم على هذا. ووافته خيول الشام، وقد دلُّوه على مخاضة فقال: إنما أنتظر شهر حرام وليلة عاشوراء، وذلك سنة اثنتين وثلاثين ومئة. [٧/ ٤١٣ - ٤١٤].
رجع الحديث إلى حديث عليّ عن ابن شهاب العبديّ: فأما صاحب علمَ قحطبة خيران أو يسار مولاه، فقال له: اعبر، وقال لصاحب رايته مسعود بن علاج (رجل من بكر بن وائل): اعبر، وقال لصاحب شرطته عبد الحميد بن ربعيّ أبي غانم أحد بني نبهان من طيئ: اعبر يا أبا غانم، وأبشر بالغنيمة، وعبر جماعة حتى عبر أربعمئة، فقاتلوا أصحاب حوثرة حتى نَحَّوْهم عن الشريعة، ولقوا محمد بن نباتة فقاتلوه، ورفعوا النيران، وانهزم أهل الشأم، وفقدوا قحطبة فبايعوا حُميد بن قحطبة على كُره منه، وجعلوا على الأثقال رجلًا يقال له أبو نصر في مئتين، وسار حُميد حتى نزلا كربلاء، ثم دير الأعور ثم العباسيَّة. [٧/ ٤١٤].
قال عليّ: وذكر عبد الله بن بدر قال: كنتُ مع ابن هبيرة ليلة قحطبة فعبروا إلينا، فقاتلونا على مسنَّاة عليها خمسة فوارس؛ فبعث ابنُ هبيرة محمد بن نباتة، فتلقاهم فدفعناهم دفعًا، وضرب معن بن زائدة قحطبة على حبل عاتقه، فأسرع فيه السيف، فسقط قحطبة في الماء فأخرجوه، فقال: شدُّوا يديّ، فشدّوها بعمامة، فقال: إن متّ فألقوني في الماء لا يعلم أحد بقتلي. وكرّ عليهم أهل خراسان، فانكشف ابن نباتة وأهل الشام، فاتبعونا وقد أخذ طائفة في وجه، ولحقنا قوم من أهل خراسان، فقاتلناهم طويلًا، فما نجونا إلّا برجلين من أهل الشام قاتلوا عنا قتالًا شديدًا، فقال بعض الخراسانيّة: دعُوا هؤلاء الكلاب (بالفارسية) فانصرفوا عنا. ومات قحطبة وقال قبل موته: إذا قدمتم الكوفة فوزير الإمام أبو سلمة؛ فسلموا هذا الأمرَ إليه. ورجع ابن هبيرة إلى واسط.
وقد قيل في هلاك قحطبة قول غير الذي قاله مَن ذكرنا قوله من شيوخ عليّ بن محمد؛ والذي قيل من ذلك: إنّ قحطبة لما صار بحذاء ابن هُبيرة من الجانب