وسنذكر آراء الأئمة المتقدمين والمتأخرين في تحديد الأمصار التي بايعت لابن الزبير بالخلافة. قال الليث بن سعد: أظهر الضحاك بيعة ابن الزبير بدمشق ودعا له، فسار عامة بني أمية وحشمهم وأصحابهم حتى لحقوا بالأردن، وسار مروان وبنو بحدل إلى الضحاك. [تاريخ الإسلام (/ ١٣٣). وأخرج أبو زرعة الدمشقي في تاريخه عن شيخه أبي مسهر (عبد الأعلى بن مسهر) قال: بويع لمروان بن الحكم بايع له أهل الأردن وطائفة من دمشق وسائر الناس زبيريون. [فتح الباري (١/ ٥٧٨)]. وانظر تاريخ الإسلام (٣/ ٢٣٣). وأخرج خليفة بن خياط قال: ثنا الوليد بن هشام عن أبيه عن جده وأبو اليقظان وغيرهما قالوا: قدم ابن الزياد الشام وقد بايعوا ابن الزبير ما خلا أهل الجابية ثم ساروا إلى مرج راهط. [تاريخ خليفة (٣١٧)]. وأما خلاصة ما رواه الطبري فيذكره ابن حجر في أسطر يقول في آخرها: إن ابن زياد هرب إلى الشام فوصل الشام فوجد مروان قد همَّ أن يرحل إلى ابن الزبير ليبايعه ويستأمن لبني أمية فثنى رأيه عن ذلك وجمع من كان يهوى بني أمية وتوجهوا إلى دمشق وقد بايع الضحاك بن قيس بها لابن الزبير وكذا النعمان بن بشير بحمص وكذا ناتل بن قيس بفلسطين ولم يبق على رأي الأمويين إلَّا حسان بن بحدل وهو خال يزيد بن معاوية، وهو بالأردن فيمن أطاعه فكانت الوقعة بين مروان ومن معه وبين الضحاك بن قيس بمرج الرهط فقتل الضحاك وتفرق جمعه وبايعوا حينئذٍ مروان بالخلافة في ذي القعدة منها. [فتح الباري (١/ ٥٧٨)]. وأما خليفة بن خياط -رحمه الله- فيقول: وقد كان أهل الشام بايعوا ابن الزبير ما خلا أهل الجابية ومن كان من بني أمية ومواليهم وابن زياد. [تاريخ خليفة (٣٢٦)]. وأخيرًا نذكر رأي اثنين من الأئمة المتأخرين (ابن كثير، وابن حجر): أما ابن حجر -رحمه الله- فيقول: وذلك أن يزيد بن معاوية لما مات دعا ابن الزبير إلى نفسه وبايعوه بالخلافة فأطاعه أهل الحرمين ومصر والعراق وما وراءها وبايع له الضحاك بن قيس الفهري بالشام كلها إلَّا الأردن ومن بها من بني أمية ومن كان على هواهم حتى همَّ أن يرحل إلى ابن الزبير ويبايعه فمنعوه وبايعوا له بالخلافة. [فتح الباري (/ ٥٧٥)]. وقال ابن كثير -رحمه الله-: واستفحل ابن الزبير ببلاد الحجاز وما والاها وبايعه الناس بعد يزيد بيعة هناك [استناب على أهل المدينة أخاه عبيد الله بن الزبير وأمره بإجلاء بني أمية عن =