لموضعك في السند، وحال أهل بيتك بالبصرة. قال: إني أخاف عليك خلاف ما تظنّ، قال: إن قُتلت أنا فنفسي فداؤك فإني سخيٌّ بها فداء لنفسك؛ فإن حييت فمن الله. فأمر به فقُيِّد وحبِس، وكتب إلى المنصور يخبره بذلك؛ فكتب إليه المنصور يأمره بحمله إليه، فلما صار إليه قدّمه فضرب عنقه، ثم مكث يروي مَنْ يولِّي السِّند! فأقبل يقول: فلان فلان؛ ثم يعرض عنه؛ فبينا هو يومًا يسير ومعه هشام بن عمرو التغلبيّ، والمنصور ينظر إليه في موكبه، إذ انصرف إلى منزله، فلما ألقى ثوبه دخل الرّبيع فَآذنه بهشام. فقال: أوَلم يكن معي آنفًا! قال: ذكر أن له حاجة عرضت مهمة. فدعا بكرسيّ فقعد عليه، ثم أذِن له، فلما مَثَل بين يديه قال: يا أميرَ المؤمنين؛ إني انصرفت إلى منزلِي من الموكب، فلَقيتْني أختي فلانة بنت عمرو، فرأيت من جمالها وعَقْلها ودينها ما رضيتها لأمير المؤمنين، فجئت لأعرِضها عليه؛ فأطرق المنصور، وجعل ينكُت الأرضَ بخيزُرانة في يده، وقال: اخرج يأتك أمري؛ فلما ولَّى قال: لا ربيع؛ لولا بيت قاله جرير في بني تغلِب لتزوّجت أختَه وهو قوله:
لا تَطْلُبَنَّ خؤولةً في تَغْلِبٍ ... فالزَّنجُ أكرمُ منهُمُ أَخوالا
فأخاف أن تلد لي ولدًا، فيعيَّر بهذا البيت؛ ولكن اخرج إليه، فقل له: يقول لك أمير المؤمنين: لو كانت لك لله حاجة إليّ لم أعدل عنها غير التزويج؛ ولو كانت لي حاجة إلى التزويج لقبلْت ما أتيتني به، فجزاك الله عمّا عَمَدت له خيرًا، وقد عوّضتك من ذلك ولاية السِّند. وأمره أن يكاتب ذلك الملك؛ فإن أطاعه وسلَّم إليه عبد الله بن محمد، وإلّا حاربه. وكتب إلى عمر بن حفص بولايته إفريقيّة. فخرج هشام بن عمرو التغلبيّ إلى السّند فوليها، وأقبل عمر بن حفص يخوضُ البلاد حتى صار إلى إفريقيّة، فلما صار هشام بن عمرو إلى السِّند كره أخذ عبد الله، وأقبل يُري الناس أنه يكاتب الملك ويرفق به، فاتصلت الأخبار بأبي جعفر بذلك؛ فجعل يكتب إليه يستحثُّه، فبينا هو كذلك إذ خرجت خارجة ببعض بلاد السِّند، فوجّه إليهم أخاه سَفَنَّجا، فخرج يجرّ الجيش وطريقه بجنَبات ذلك الملك؛ فبينا هو يسير إذا هو برهج قد ارتفع من موكب، فظنّ أنه مقدّمة للعدوّ الذي يقصد، فوجَّه طلائعَه فرجعت، فقالت: ليس هذا عدوّك الذي تريد؛ ولكن هذا عبد الله بن محمد الأشتر العلويّ ركب متنزهًا، يسير على