إبراهيم ومعه أصحابه حتَّى انتهى إلى أصحاب الكُرْسيّ وقد عَكَفوا حوله وهم رافعو أيديهم إلى السّماء يستنصِرون، فقال إبراهيم: اللَّهمّ لا تؤاخذنا بما فعل السُّفهاء - سنّةَ بني إسرائيل والَّذِي نفسي بيَده إذ عكفوا على عِجْلهم - فلمَّا جاز القنطرة إبراهيمُ وأصحابهُ انصرف أصحاب الكرسيّ (١). (٦/ ٨٢).
* ذكر الخبر عن سبب كرسي المختار الذي يستنصر به هو وأصحابه:
قال أبو جعفر: وكان بدءُ سببه ما حدّثني به عبد الله بن أحمد بن شبّوَيْهِ، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سليمان، قال: حدّثني عبد الله بن المبارك، عن إسحاقَ بن يحيى بن طلحة، قال: حدّثني معبد بن خالد، قال: حدّثني طُفَيل بن جَعْدة بن هُبيرة، قال: أعدمتُ مرّةً من الورق، فإني لكذلك إذْ خرجتُ يومًا فإذا زَيَّات جارٌ لي، له كرسيّ قد ركبه وسخٌ شديد، فخطر على بالي أن لو قلتُ للمختار في هذا! فرجعتُ فأرسلتُ إلى الزّيات: أرسلْ إليّ بالكرسيّ، فأرسل إليّ به، فأتيت المختار، فقلت: إني كنت أكتُمُك شيئًا لم أستحلّ ذلك، فقد بدا لي أن أذكره لك، قال: وما هو؟ قلت: كرسيّ كان جعدة بن هُبيرة يجلس عليه كأنَّه يرى أن فيه أثَرة مِن عِلم، قال: سبحان الله! فأخَّرتَ هذا إلى اليوم! ابعث به إليَّ، قال: وقد غُسل وخرج عُود نُضَارٍ، وقد تشرّب الزيت، فخرج يَبِصّ، فجيء به وقد غُشي، فأمر له باثني عشر ألفًا، ثم دعا: الصّلاة جامعة.
فحدّثني معبد بن خالد الجُدَليّ قال: انطُلِق بي وإسماعيلَ بن طلحة بن عُبيد الله وشَبَث بن ربعيّ والناس يجرون إلى المسجد، فقال المختار: إنَّه لم يكن في الأمم الخالية أمر إلا وهو كائن في هذه الأمَّة مثله، وإنَّه كان في بني إسرائيل التابوت فيه بقيَّة ممَّا ترك آلُ موسى وآلُ هارون، وإنّ هذا فينا مثل التابوت، اكشِفوا عنه؛ فكشفوا عنه أثوابَه، وقامت السبئيَّة فرفعوا أيديهم، وكبروا ثلاثًا، فقام شَبَث بن ربعيّ وقال: يا معشر مُضَر. لا تكفُرُنّ! فنحّوه فذبّوه وصدّوه وأخْرجوه، قال إسحاق: فوالله إني لأرجو أنَّها لشبث، ثمّ لم يلبث أن قيل: هذا عبيد الله بن زياد قد نزَل بأهل الشام باجُمَيْرا، فخرج بالكرسيّ على بغل وقد غُشّي، يُمسِكه عن يمينه سبعة وعن يساره سبعة، فقتِل أهل الشام مقتلة لم