للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من اجتمع على محاربة الحسن بن سهل منهم؛ حتى خرج عن بغداد. ولمّا كان من بيعة المأمون لعليّ بن موسى بن جعفر - وأمره الناس بلبس الخضرة ما كان، وورود كتاب الحسن على عيسى بن محمد بن أبي خالد يأمره بذلك، وأخْذ الناس به ببغداد، وذلك يوم الثلاثاء لخمس بقِين من ذي الحجة - أظهر العباسيون ببغداد أنهم قد بايعوا إبراهيم بن المهديّ بالخلافة، ومن بعده ابن أخيه إسحاق بن موسى بن المهديّ؛ وأنهم قد خلعوأ المأمون (١) وأنهم يعطون عشرة دنانير كل إنسان، أوّل يوم من المحرّم أول يوم من السنة المستقبلة. فقبل بعض ولم يقبل بعض حتى يعطَى؛ فلما كان يوم الجمعة وأرادوا الصلاة أرادوا أن يجعلوا إبراهيم خليفة للمأمون مكان منصور، فأمروا رجلًا يقول حين أذّن المؤذن: إنا نريد أن ندعوَ للمأمون ومن بعده لإبراهيم يكون خليفة؛ وكانوا قد دسُّوا قومًا، فقالوا لهم: إذا قام يقول: ندعُو للمأمون، فقوموا أنتم فقولوا: لا نرضى إلا أن تبايعوا لإبراهيم ومنْ بعده لإسحاق، وتخلعوا المأمون أصلًا، ليس نريد أن تأخذوا أموالنا كما صنع منصور، ثم تجلسوا في بيوتكم. فلما قام


(١) وأيده خليفة في هذا فقال: وفيها أخرج الحسن بن سهل من بغداد وبويع إبراهيم بن المهدي وأمّه شكلة ببغداد وأخذت له الكوفة وعامة السواد (تأريخ خليفة/ ٣١٢).
وقال ابن قتيبة الدينوري: وصار أهل بغداد إلى إبراهيم بن المهدي فبايعوه بيعة الخلافة (المعارف/ ١٩٧).
وقد قال الجهشياري نحوًا مما قال الطبري فأجمل الأسباب والوقائع التي أدت بالنتيجة إلى بيعة الناس إبراهيم بن المهدي فقال: وكان إبراهيم بن المهدي يتقلد البصرة من قبل المأمون، وكاتبه إبراهيم بن نوح بن أبي نوح. وكان المأمون جدّ في تجدبد العهد لعليّ بن موسى بن جعفر، وتقدّم إلى الفضل بأخذ البَيْعَة على الناس، والكِتاب إلى الأقاليم في إبطال السواد، وكتبَ الفضل بن سهل إلى الحسن يعلمه ذلك، ويأمره بطرح لبس السواد، وأن يلبس الخُضْرة، ويجعل الأعلام والقلانس خُضْرًا، ويطالب الناس بذلك، ويكاتب فيه جميع عُمّاله. فكتب الحسن إلى عيسى بن أبي خالد بذلك، فدعا عيسى أهل بغداد، وعرفهم ما كتب به الحسن، فبعض أجاب، وبعض امتنع، ودب الهاشميون بعضهم إلى بعض، وخلعوا المأمون، وعقدوا الأمر لإبراهيم بن المهديّ في يوم الثلاثاء لخمس بقين من ذي الحِجَّة سنة إحدى ومئتين؛ وكان القيّم بأمره عيسى بن محمد بن أبي خالد، فكان من أمره ما كان (الوزراء والكتاب/ ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>