قدّمت من الحِيَل قبل ورودك إياها، وعملت به في أمر الكُور التي سمِّيت وتولية مَنْ وليت عليها قبل نفوذك عنها، ولطّفت له من الأمر الذي استجمع لك به ما أردت من أمر الخائن علي بن عيسى وولده وأهل بيته، ومن صار في يدك من عمّاله وأصحاب أعماله واحتذائك في ذلك كلِّه ما كان أمير المؤمنين مثّل لك ووقفَك عليه، وفهم أمير المؤمنين كلّ ما كتبتَ به، وحمد الله على ذلك كثيرًا وعلى تسديده إياك وما أعانك به من توفيقه، حتى بلغتَ إرادة المؤمنين، وأدركت طلبتَه، وأحسنت ما كان يُحبّ بك وعلى يديك إحكامَه، مما كان اشتدّ به اعتناؤه، ولجّ به اهتمامه، وجزاك الخير على نصيحتك وكفايتك، فلا أعدم الله أمير المؤمنين أحسنَ ما عرّفه منك في كلّ ما أهاب بك إليه، واعتمد بك عليه.
وأمير المؤمنين يأمُرك أن تزداد جدًّا واجتهادًا فيما أمرك به من تتبّع أموال الخائن عليّ بن عيسى وولده وكتَّابه وعماله ووكلائه وجهابذته والنظر فيما اختانوا به أميرَ المؤمنين في أمواله، وظلموا به الرّعية في أموالهم، وتتبُّع ذلك واستخراجه من مظانّه ومواضعه، التي صارت إليه، ومن أيدي أصحاب الودائع التي استودعوها إياهم؛ واستعمال اللين والشدة في ذلك كله، حتى تصير إلى استنظاف ما وراء ظهورهم؛ ولا تبقى من نفسك في ذلك بقية، وفي إنصاف الناس منهم في حقوقهم ومظالمهم؛ حتى لا تبقى لمتظلم منهم قِبَلهم ظُلامة إلا استقضيت ذلك له، وحملته وإياهم على الحقّ والعدل فيها، فإذا بلغتَ أقصى غاية الإحكام والمبالغة في ذلك، فأشخِص الخائن وولدَه وأهلَ بيته وكتَّابَه وعمّاله إلى أمير المؤمنين في وثاق، وعلى الحال التي استحقُّوها من التعيير والتنكيل بما كسبت أيديهم؛ وما الله بظلام للعبيد.
ثم اعمل بما أمرك به أمير المؤمنين من الشخوص إلى سَمْرقند، ومحاولة ما قبل خامل، ومَنْ كان على رأيه ممن أظهر خلافًا وامتناعًا من أهل كُور ما وراء النهر وطُخارستان بالدّعاء إلى الفيئة والمراجعة، وبسط أمانات أمير المؤمنين التي حمّلكها إليهم؛ فإن قبلوا وأنابوا وراجعوا ما هو أمَلُكَ بهم، وفرّقوا جموعَهم، فهو ما يحبّ أمير المؤمنين أن يعاملَهم به من العفو عنهم والإقالة لهم؛ إذ كانوا رعيَّته؛ وهو الواجب على أمير المؤمنين لهم إذ أجابهم إلى