للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها نزع المهديّ كسوة الكعبة التي كانت عليها، وكساها كسوة جديدة؛ وذلك أن حَجَبة الكعبة - فيما ذكر - رفعوا إليه أنهم يخافون على الكعبة أن تهدم لكثرة ما عليها من الكسوة، فأمر أن يُكشف عنها ما عليها من الكسوة حتَّى بقيت مجرّدة، ثم طُلِي البيت كله بالخَلُوق، وذُكر أنهم لما بلغوا إلى كسوة هشام وجدوها ديباجًا ثخينًا جيدًا، ووجدوا كسوة مَنْ قبله عامّتها من متاع اليمن (١).

وقسم المهديّ في هذه السنة بمكة في أهلها - فيما ذكر - مالًا عظيمًا، وفي أهل المدينة كذلك؛ فذكر أنَّه نُظر فيما قسم في تلك السفرة فوُجد ثلاثين ألف ألف درهم، حُملت معه، ووصلت إليه من مصر ثلثمائة ألف دينار، ومن اليمن مائتا ألف دينار، فقسّم ذلك كلّه. وفرّق من الثياب مائة ألف ثوب وخمسين ألف ثوب، ووسّع في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمر بنزع المقصورة التي في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزعت، وأراد أن ينقص منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيعيده إلى ما كان عليه، ويلقي منه ما كان معاوية زاد فيه؛ فذكر عن مالك بن أنس أنَّه شاور في ذلك، فقيل له: إن المسامير قد سلكت في الخشب الذي أحدثه معاوية، وفي الخشب الأوَّل وهو عتيق، فلا نأمن إن خرجت المسامير التي فيه وزعزعت أن يتكسّر، فتركه المهديّ.

وأمر أيَّام مقامه بالمدينة بإثبات خمسمائة رجل من الأنصار ليكونوا معه حرسًا له بالعراق وأنصارًا، وأجرى عليهم أرزاقًا سوى أعطياتِهم، وأقطعهم عند قدومهم معه ببغداد قطيعة تعرف بهم.

وتزوج في مقامه بها برقيَّة بنت عمرو العثمانية (٢).

وفي هذه السنة حمل محمَّد بن سليمان الثلج للمهديّ، حتَّى وافى به مكّة، فكان المهديّ أوّل من حُمل له الثلج إلى مكّة من الخلفاء (٣).

وفيها ردّ المهديّ على أهل بيته وغيرهم قطائعهم التي كانت مقبوضة عنهم.

* * *


(١) انظر البداية والنهاية (٨/ ٧٩).
(٢) انظر: البداية والنهاية (٨/ ٧٩).
(٣) انظر البداية والنهاية (٨/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>