للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهوى، ويوفّقه في جميع الأمور لما يحب ويرضى؛ إنَّه سميع قريب.

وقد رأى أمير المؤمنين أن يردّ زيادًا ومَنْ كان من ولده إلى أمّهم ونسبهم المعروف ويلحِقهم بأبيهم عبيد؛ وأمهم سميّة، ويتّبع في ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما أجمع عليه الصالحون وأئمة الهدى، ولا يجيز لمعاوية ما أقدم عليه مما يخالف كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكان أمير المؤمنين أحَقَّ مَنْ أخذ بذلك وعمل به؛ لقرابته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتّباعه آثاره وإحيائه سنَّته، وإبطاله سنن غيره الزائغة الجائرة عن الحق والهدى، وقد قال الله جلّ وعزّ: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} (١).

فاعلم أن ذلك من رأي أمير المؤمنين في زياد، وما كان من ولد زياد فألحقْهم بأبيهم زياد بن عبيد، وأمهم سميّة، واحملهم عليه، وأظهره لمن قِبلَك من المسلمين حتَّى يعرفوه ويستقيم فيهم؛ فإن أمير المؤمنين قد كتب إلى قاضي البصرة وصاحب ديوانهم بذلك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكتب معاوية بن عبيد الله في سنة تسع وخمسين ومائة.

فلما وصل الكتاب إلى محمَّد بن سليمان وقّع بإنقاذه، ثم كُلِّم فيهم، فكفّ عنهم؛ وقد كان كتب إلى عبد الملك بن أيوب بن ظَبْيان النميريّ بمثل ما كتب به إلى محمَّد، فلم ينفذه لموضعه من قيس، وكراهته أن يخرج أحد من قومه إلى غيرهم.

* * *

وشخص مع المهديّ في هذه السنة ابنه هارون وجماعة من أهل بيته؛ وكان ممّن شخص معه يعقوب بن داود، على منزلته التي كانت له عنده، فأتاه حين وافى مكة الحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن الذي استأمن له يعقوب من المهدي على أمانه، فأحسن المهديّ صلته وجائزته، وأقطعه مالًا من الصّوافِي بالحجاز (٢).


(١) يونس: الآية ٣٢.
(٢) انظر البداية والنهاية (٨/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>