للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بروكلمان عن الحسن بن علي هل هو من أقربائه، وإذا كان مروان بن الحكم من أقربائه فماذا عن البقية وهل يضحي الإنسان في هذا الموقف العصيب بولده؟ وإذا كانوا محرّضين حقيقيين للثورة فلماذا يجازفون بأولادهم في سبيل حماية من ثاروا ضده؟ ! ألا إنه التغاضي عن الحقائق. ولقد أثبتنا بالروايات الصحيحة: أن عليًّا رضي الله عنه لم يكن يومًا محرّضًا على الخروج على أمير المؤمنين عثمان ولم ترد رواية صحيحة تؤكد ذلك عن الزبير.
ولم نجد رواية صحيحة ولا واحدة عن اشتراك أحد من الصحابة في قتل سيدنا عثمان، فهم برآء من دمه وعلى رأسهم علي رضي الله عنه، ولم نجد رواية واحدة صحيحة تثبت اشتراك الصحابة في التحريض على الفتنة إلّا طلحة بن عبيد الله وحتى طلحة هذا فقد ثبت أنه تراجع عن رأيه قبل مقتل عثمان بأيام وانسحب من جمع القوم الخارجين على مرأى ومسمع من الناس، وأعلنها بأعلى صوته أن نعم لما يقوله الخليفة المظلوم.
أشرف عثمان على المسجد فإذا طلحة جالس في شرق المسجد قال: يا طلحة! قال: لبيك قال: نشدتك بالله هل تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من يشتري قطعة يزيدها في المسجد، فاشتريتها من مالي، قال طلحة: اللهم نعم، فقال: يا طلحة قال: لبيك قال: نشدتك بالله هل تعلمني حملت في جيش العسرة على مئة؟ قال طلحة اللهم نعم. ثم قال طلحة: اللهم لا أعلم عثمان إلا مظلومًا. رواه الدارقطني في فضائل الصحابة (الرياض النضرة للمحب الطبري ٣/ ٥٧).
وفي رواية أخرى نحو هذه أخرجها الحافظ ابن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه: أنه شهد حصار عثمان وفيه أن عثمان حاور طلحة حوارًا رقيقًا ثم قال في آخره: يا طلحة نشدتك بالله أتعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنه ليس من نبي إلّا ومعه من أصحابه رفيق من أمته معه في الجنة وإن عثمان بن عفان هذا -يعني- رفيقي في الجنة فقال طلحة: اللهم نعم، ثم انصرف (البداية والنهاية ٧/ ١٨٦) ومع أن طلحة رضي الله عنه قد تراجع عن موقفه بعدما أدرك صواب موقف عثمان وابتعد عن الفتنة ثم برئ من المشاركة في حصار وقتل سيدنا عثمان، إلّا أنه ظل طول حياته يتألم من ذلك ويندم وبالغ في الندم حتى أنه خرج للمطالبة بدمه كما وردت بذلك رواية صحيحة عند ابن أبي شيبة في مصنفه (١٥/ ٢٦٤ / ح ١٩٦٢٧) عن حكيم بن جابر قال: سمعت طلحة بن عبيد الله يوم الجمل يقول: إنا كنا داهنا في أمر عثمان فلا نجد بدًّا من المبالغة) وهذه الرواية تحتمل معنيين، المعنى الأول: أنه رضي الله عنه سارع في بيعة علي لأنه داهن في موقف الفتنة ولم يدافع عن عثمان بأعلى صوته كما فعل عبد الله بن عباس، علمًا بأن موقف طلحة كان معاتبة ولم يكن مطالبة بالقتل وحاشاه أن يفعل، والمعنى الآخر: أنه بالغ في ندمه على مشاركته في معاتبة عثمان ومحاسبته حتى أنه خرج يطالب بدمه مبالغة في إظهار الندم، ويؤيد هذا المعنى الثاني إحدى روايتي الحديث: (إنا كنا داهنا في أمر عثمان فلا نجد بدًا من المبالغة) ونحن نرجح المعنى الثاني، والدليل على هذا الرجحان أن لصحابي آخر موقفًا ليس ببعيد، فعبد الله بن عمر فبالرغم من أنه لم يشارك في الفتنة واعتزلها =

<<  <  ج: ص:  >  >>