خراسان؛ وقد خِفْنا أن تكونه. قال: أفْرخْ رَوْعك، فقال المجشِّر: أمّا إذا كان بيننا مثلك فلا يُفْرَخ. فبات في أصل العقبة، ثم ارتحل حين أصبح؛ فصار الجُنيد بين مرتحل ومقيم؛ فتلقى فارسًا، فقال: ما اسمك؟ فقال: حرب؟ قال: ابن مَنْ؟ قال: ابن محرَبة، قال: من بني مَن؟ قال: من بني حَنْظلة، قال: سلط الله عليك الحرْب والحرَب والكلب. ومضى بالناس حتى دخل الشِّعب وبينه وبين مدينة سَمْرقند أربعة فراسخ، فصبّحه خاقان في جمع عظيم، وزحف إليه أهلُ الصُّغد والشاش وفَرْغانة وطائفة من الترك. قال: فحمل خاقان على المقدّمة وعليها عثمان بن عبد الله بن الشّخِّير، فرجعوا إلى العسكر والترك تتبعهم؛ وجاؤوهم من كلّ وجه؛ وقد كان الإخْريد قال للجنيد: ردّ الناس إلى العسكر؛ فقد جاءك جمع كثير؛ فطلع أوائل العدوّ والناس يتغدّوْن، فرآهم عبيد الله بن زهير بن حيّان، فكره أن يُعلِم النَّاس حتى يفرغوا من غدائهم؛ والتفت أبو الذّيال، فرآهم، فقال: العدوّ! فركب الناس إلى الجنيد، فصيّر تميمًا والأزد في الميمنة وربيعة في الميسرة مما يلي الجبل؛ وعلى مجفّفة خيل بني تميم عبيد الله بن زهير بن حيّان، وعلى المجرّدة عمر -أو عمرو- بن جرفاس بن عبد الرحمن بن شقران المنقريّ، وعلى جماعة بني تميم عامر بن مالك الحمانيّ، وعلى الأزد عبد الله بن بِسْطام بن مسعود بن عمرو المعنيّ؛ وعلى خيلهيم: المجفّفة والمجرّدة فُضَيل بن هناد وعبد الله بن حوذان؛ أحدهما على المجففة، والآخر على المجرّدة - ويقال: بل كان بشر بن حوذان أخو عبد الله بن حوذان الجهضميّ - فالتقوا وربيعة ممّا يلي الجبل في مكان ضيّق؛ فلم يقدم عليهم أحد؛ وقصد العدوّ للميمنة وفيها تميم والأزْد في موضع واسع فيه مجال للخيل. فترجّل حيان بن عبيد الله بن زهير بين يدي أبيه، ودفع برذونه إلى أخيه عبد الملك، فقال له أبوه: يا حيّان، انطلق إلى أخيك فإنه حَدَث وأخاف عليه، فأبى، فقال: يا بُنيّ، إنك إن قتِلت على حالك هذه قُتِلت عاصيًا. فرجع إلى الموضع الذي خلّف فيه أخاه والبرذوْن؛ فإذا أخوه قد لحق بالعسكر، وقد شدّ البرذون، فقطع حيّان مِقوَده وركبه؛ فأتى العدو؛ فإذا العدوّ قد أحاط بالموضع الذي خلف فيه أباه وأصحابه، فأمدّهم الجُنيد بنصر بن سيار في سبعة معه؛ فيهم جميل بن غزوان العدويّ، فدخل عبيد الله بن زهير معهم، وشدُّوا على العدو فكشفوهم ثم كرُّوا عليهم؛ فقتلوا جميعًا، فلم يفلت منهم أحد ممن كان في ذلك