أتذْهَبُ كَلْبٌ لم تَنَلْها رِماحُنا ... وتُتْرَك قَتلَى رَاهِط هِيَ ما هِيَا!
لَعمرِي لقد أَبْقتْ وَقيعَةُ رَاهِطٍ ... لِحَسَّان صَدْعًا بَيّنًا متنائيا
أَبَعْدَ ابن عمرٍو وابنِ مَعْنٍ تتابعا ... ومقْتَلِ هَمّامٍ أُمَنَّى الأَمانِيَا!
فلم تُرَ مِنِّي نبْوَةٌ قَبْلَ هذه ... فِرَارِيَ وتَرْكي صاحبيَّ ورَائيَا
عشِيةَ أعْدو بالقِرانِ فلا أَرَى ... من الناسِ إلا مَنْ عَلَيّ ولا ليَا
أيَذهَبُ يوْمٌ واحدٌ إِنْ أَسَأْتُهُ ... بِصالح أَيّامي وحُسْنِ بَلائيا
فلا صُلْحَ حَتَّى تَنْحِطَ الخَيْلُ بالقَنَا ... وتثْأَرَ مِنْ نِسْوَانِ كَلْبٍ نِسَائِيَا
ألَا لَيْتَ شِعْرِي هلْ تُصيبَنَّ غارتي ... تَنوخًا وحَيَّ طَيئٍ من شِفائِيا
فأجابه جَوّاس بن قَعْطل:
لعَمْرِي لَقدْ أبقَتْ وقِيعَةُ راهِطٍ ... على زُفَرٍ دَاءً مِنَ الدَّاءِ باقِيَا
مقِيمًا ثَوَى بَيْنَ الضُّلوعِ مَحَلُّه ... وبَيْن الحَشا أَعْيا الطِّبِيبَ المُداوِيا
تُبَكِّي عَلَى قَتلَى سُليْم وعَامرٍ ... وذُبْيَانَ مَعْذورًا وتُبْكِي البواكِيَا
دَعا بِسِلَاحٍ ثمَّ أَحْجَمَ إذْ رأَى ... سُيُوفَ جنَابٍ والطوالَ المذَاكِيا
عليْها كأُسْدِ الغابِ فِتْيانُ نجْدَةٍ ... إذا شَرعُوا نحْوَ الطِّعان العوالِيَا
فأجابه عمر بن المِخْلَاة الكلبيّ من تيم اللّات بن رُفَيْدة، فقال:
بكى زُفَرُ القيسِيُّ من هُلكِ قَوْمِهِ ... بعَبْرَةِ عَيْنٍ ما يَجِفُّ سُجُومُهَا
يُبكِّي على قَتْلى أُصِيبَتْ بِرَاهِطٍ ... تجَاوبُهُ هامُ القِفارِ وبُومُهَا
أَبحْنَا حِمىً للحيِّ قَيْسٍ بِرِاهِط ... ووَلّتْ شِلَالًا واستُبِيح حرِيمُها
يُبَكِّيهمُ حَرَّانَ تجْرِي دُموعُهُ ... يُرَجِّي نِزارًا أَنْ تَثُوبَ حُلومُها
فَمُتْ كمدًا أَوْ عِشْ ذَليلًا مُهضَّمًا ... بِحْسَرَةِ نَفس لا تَنَامُ هُمُومُهَا
إذا خَطَرتْ حَوْلي قُضَاعَةُ بالقَنا ... تَخَبطُ فِعْلَ المُصعَبَاتِ قُرُومُهَا
خَبطْتُ بهِمْ من كادَني مِنْ قبيلة ... فمن ذا إذا عَزَّ الخُطوبُ يرُومُهَا
وقال زُفر بن الحارث أيضًا:
أَفي الله أمَّا بَحْدَلٌ وابنُ بَحْدَل ... فيحيا وأمَّا ابن الزُّبير فيُقْتَلُ!
كذبْتُمْ وبَيْتِ الله لا تَقْتُلونَهُ ... ولمّا يَكنْ يومٌ أغرُّ مُحَجَّلُ
ولمّا يكُن للمشْرَفيَّة فَوْقكم ... شُعاعٌ كقَرْنِ الشَّمسِ حِين تَرجَّلُ
فأجابه عبد الرحمن بن الحكم، أخو مروان بن الحكم، فقال: