على فَرْج خُراسان، فأقبل في النَّاس حتى نزل المدائن؛ لا يلقى جيشًا لآزرميدخت إلّا هزمه، فاقتتلوا بالمدائن، فهُزم سِياوَخْش، وحُصِر، وحُصِرت آزرميدخت؛ ثم افتتحها فقتل سِياوَخش، وفقأ عين آزرميدخت، ونصّبَ بوران ودعتْه إلى القيام بأمرِ أهل فارس، وشكَتْ إليه تضعضعَهم، وإدبار أمرهم؛ على أن تملّكه عَشْر حجَج؛ ثم يكون المُلْكُ في آل كسرى، إن وجدوا من غلمانهم أحدًا؛ وإلّا ففي نسائهم. فقال رستم: أمّا أنا فسامع مطيع، غير طالب عِوضًا ولا ثوابًا، وإن شرّفتموني وصنعتم إليّ شيئًا فأنتم أولياء ما صنعتم؛ إنما أنا سهمُكم وطوعُ أيديكم. فقالت بُوران: اغدُ عليّ، فغدا عليها ودعتْ مرازبة فارس، وكتبت له بأنَّك على حرب فارس؛ ليس عليك إلّا الله عزّ وجلّ، عن رضًا منَّا وتسليم لحكمك، وحكمُك جائز فيهم ما كان حكمك في منْع أرضهم وجمعِهم عن فُرقتهم. وتوَّجته وأمرت أهلَ فارس أن يسمعوا له ويطيعوا. فدانت له فارس بعد قدوم أبي عُبيد؛ وكان أوّل شيء أحدثه عمر بعد موتِ أبي بكر من اللَّيل؛ أن نادى: الصلاة جامعة! ثم ندبهم فتفرّقوا على غير إجابة من أحد، ثم نَدبهم في اليوم الرابع، فأجاب أبو عبيد في اليوم الرابع أوّل الناس، وتتابع النَّاس، وانتخب عمر من أهل المدينة ومَن حولها ألفَ رجل، أمَّر عليهم أبا عُبيد، فقيل له: استعمل عليهم من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لا ها الله ذا يا أصحاب النبيّ، لا أندبكم فتنكلون، وينتدب غيركم فأؤمّركم عليهم! إنكم إنَّما فُضِّلتم بتسرّعكم إلى مثلها؛ فإن نكَلتم فضَلوكم؛ بل أؤمّر عليكم أوّلكم انتدابًا. وعَجّل المثنَّى، وقال: النَّجاء حتى يقدم عليك أصحابك! فكان أوّل شيء أحدثه عمر في خلافته مع بيعته بعثُه أبا عبيد، ثم بعث أهلَ نجران، ثم ندَب أهل الرّدة، فأقبلوا سراعًا من كلّ أوْب؛ فرمى بهم الشأم والعراق؛ وكتب إلى أهل اليرموك: بأن عليكم أبا عبيدة بن الجرّاح؛ وكتب إليه: إنَّك على الناس؛ فإن أظفرَك الله فاصرف أهلَ العراق إلى العراق؛ ومن أحبَّ من أمدادكم إذا هم قدِموا عليكم. فكان أوّل فتح أتاه اليرموك على عشرين ليلة من متوفَّى أبي بكر؛ وكان في الأمداد إلى اليرموك في زمن عمر قيس بن هُبيرة، ورجع مع أهل العراق ولم يكن منهم، وإنما غزا حين أذِن عمر لأهل الردّة في الغزْو. وقد كانت فارس تشاغلتْ بموت شَهْر بَراز عن المسلمين؛ فملّكت شاه زَنان؛ حتى اصطلحوا على سابور بن شَهْر بَراز بن أردشير بن شَهريار، فثارت به آزرميدُخْت، فقتلته