- وأخيرًا المأمون ما له وما عليه - قبل أن نذكر خلاصة في تقييم المأمون نودّ أن نردّ عنه شبهة أو تهمة الشرب ومعلوم لدى علماء الفقه واللغة أن العرب كانوا يشربون الخمر ونوعًا آخر من الشراب هو النبيذ وهو التمر أو الزبيب يترك في الماء مستنقعًا ثم تؤخذ عصارته أو تغلى وقد ورد في الأحاديث الصحيحة النهي عن الانتباذ في أنواعٍ معينة من الأواني أما الخمر فقد حرمه الله ورسوله - والروايات التي تتهم المأمون بشرب الخمر جاءت من طريق رواة لا يحتج بحديثهم ولعل المأمون كان يشرب النبيذ على رأي علماء بغداد (أي الذي لا يسكر) أما الخمر فلم يصح عنه ولذلك ذكر الذهبي الحافظ الناقد خبر شربه للخمر بصيغة التمريض فقال في ترجمته: كان يشرب نبيذ الكوفة وقيل بل يشرب الخمر فالله أعلم. [سير أعلام النبلاء ١٠/ ٢٧٣/ تر ٧٢]. ولقد ارتكب المأمون خطيئتين كبيرتين وأمره إلى الله في كل ذلك. الأولى خوضه في أمور العقيدة وفرضه لعقيدة المعتزلة في قولهم بخلق القرآن ثم أخذه لعلماء السنة في ذلك وامتحانهم - قال الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى: لم يكن في الخلفاء قبله (أي =