للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت معه، فرجع إلى السلطان فأخبره بما صنع به، فأمر المعتضد طريفًا المخلديّ الخادم بالركوب والقبض على كلِّ مَنْ تولَّع بالخادم وضربه بالسياط، فركب طريف يوم السبت لثلاث عشرة خلت من جمادى الأولى في جماعة من الفرسان والرجَّالة، وقدَّم بين يديه خادمًا أسود؛ فصار إلى باب الطاقِ لِمَا أمِر به من القبض على من صاح بالخادم: يا عقيق، فقبض فيما ذكر بباب الطاق على سبعة أنفس؛ ذكِر أن بعضهم كان بِزِّيًّا؛ فضُرِبوا بالسياط في مجلس الشرطة بالجانب الشرقيّ وعبَر طريف فمضى إلى الكرْخ، ففعل مثل ذلك، وأخذ خمسة أنفس فضربهم في مجلس الشرطة بالشرقيَّة، وحُمِل الجميع على جمال، ونودي عليهم: هذا جزاء مَنْ أولِع بخدم السلطان، وصاح بهم: يا عقيق، وحبسوا يومهم، وأطلِقوا بالليل.

وفي هذه السنة عَزم المعتضد بالله على لعن معاوية بن أبي سفيان على المنابر، وأمر بإنشاء كتاب بذلك يُقرَأ على الناس، فخوّفه عبيد الله بن سليمان بن وهب اضطراب العامة، وأنه لا يأمن أن تكون فتنة، فلم يلتفت إلى ذلك من قوله (١).

وذُكر أن أول شيء بدأ به المعتضد حين أراد ذلك الأمر بالتقدّم إلى العامة بلزوم أعمالهم، وترك الاجتماع والقضية والشهادات عند السلطان، إلا أن يُسْألوا عن شهادة إن كانت عندهم، وبمنع القُصّاص من القعود على الطرقات، وعمِلت بذلك نسخ قرئت بالجانبين بمدينة السلام في الأرباع والمحالّ والأسواق، فقرِئت يوم الأربعاء لستّ بقين من جمادى الأولى من هذه السنة، ثمَّ مُنِع يوم الجمعة لأربع بقين منها القصّاص من القعود في الجامعيْن، ومُنع أهل الحلق في الفتيا أو غيرهم من القعود في المسجدين، ومُنِع الباعة من القعود في رحابهما.

وفي جمادى الآخرة نودي في المسجد الجامع بنهي الناس عن الاجتماع على قاصّ أو غيره، ومنِع القصاص وأهل الحلَق من القعود (٢).

وفي يوم الحادي عشر - وذلك يوم الجمعة - نُودي في الجامعيْن بأنّ الذمة بريَّة


(١) انظر تعليقنا (١٠/ ٦٣/ ٦٩٠).
(٢) انظر المنتظم (١٢/ ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>