للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخلوا عليه ممَّا ازدحموا، حتى أفلت يوسف منهم، ودخل بابًا وأغلقه دونهم، ولم يكن بعد ذلك للخادم ذِكْر، ولا كان للعامَّة في أمره اجتماع (١).

وفي هذا الشهر من هذه السنة قدم - فيما ذكر - قوم من أهل طَرَسوس على السلطان يسألونه أن يولِّي عليهم والٍ، ويذكرون أن بلدهم بغير والٍ؛ وكانت طرسوس قبل في يدي ابن طولون، فأساء إليهم، فأخرجوا عامله عن البلد، وراسلهم في ذلك، ووعدهم الإحسان، فأبوا أن يتركوا له غلامًا يدخل بلدهم، وقالوا: مَنْ جاءنا من قبَلك حاربناه، فكف عنهم.

وفي يوم الخميس لثلاث بقين من شهر ربيع الآخر من هذه السنة - فيما ذكر - ظهرت ظلمة بمصر، وحُمرة في السماء شديدة؛ حتى كان الرجل ينظر إلى وجه الآخر، فيراه أحمر، وكذلك الحيطان وغير ذلك، ومكثوا كذلك من العصر إلى العشاء الآخرة، وخرج الناس من منازلهم يدعون الله ويتضرعون إليه (٢).

وفي يوم الأربعاء لثلاث خلوْن من جمادى الأولى، ولإحدى عشرة ليلة خلت من حَزِيران، نُودي في الأرباع والأسواق ببغداد بالنَّهي عن وقود النيران ليلة النيروز، وعن صبّ الماء في يومه، ونُودي بمثل ذلك في يوم الخميس، فلمَّا كان عشيّة يوم الجمعة نودي على باب سعيد بن يكسين صاحب الشرطة بالجانب الشرقيّ من مدينة السلام بأنّ أمير المؤمنين قد أطلق للناس في وقود النيران وصبّ الماء، ففعلت العامة من ذلك ما جاوز الحدّ، حتى صبّوا الماء على أصحاب الشرطة في مجلس الجسر - فيما ذكر (٣).

وفيها أغريَت العامة بالصّياح بمن رأوْا من الخدم السود: يا عقيق، فكانوا يغضبون من ذلك، فوجَّه المعتضد خادمًا أسود عشيَّة الجمعة برقعة إلى ابن حمدون النديم؛ فلما بلغ الخادم رأسَ الجسر من الجانب الشرقيّ صاح به صائح من العامة: يا عقيق! فشتم الخادم الصائح وقنَّعه، فاجتمعت جماعة من العامة على الخادم فنكسوه وضربوه، وضاعت الرقعة التي


(١) انظر المنتظم (١٢/ ٣٧٠).
(٢) انظر المنتظم (١٢/ ٣٧١).
(٣) انظر المنتظم (١٢/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>