ونكرة أخرى لطالما يرددها أبو مخنف في كل مناسبة فيقول على سيدنا علي رضي الله عنه ما لم يقل كزعمه أنه قال: (وقد وجدنا عليهما (أبي بكر وعمر) أن توليا علينا ونحن آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فغفرنا ذلك لهما). ولقد كررنا مرارًا رواية البخاري عن محمد بن الحنفية: (أي الناس خير بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر ... الحديث) (الفتح ٧/ ٢٤). ونزيد هنا رواية أخرى فقد قال الحافظ ابن كثير: أخرج البيهقي عن أبي وائل قال: (قيل لعلي بن أبي طالب: ألا تستخلف علينا؟ فقال: ما استخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأستخلف ولكن إن يرد الله بالناس خيرًا فسيجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم) ثم قال ابن كثير: إسناد جيد (البداية والنهاية ٥/ ٢٥٠). ونكارة أخرى يتوكأ عليها دائمًا المستشرقون والمتغربون وهي أن الصحابة كانوا يغذّون هذا الخلاف ويذكون نار الفرقة بما تذاكروا من أحقاد الجاهلية ومغالها ونسوا أن الإسلام قد داس نعرات الجاهلية ومفاخرها بأرجل بلال وصهبب وسلمان وساوى بين عثمان الغني وغيره الفقير وبين مصعب المنعم في أهله وبين عمّار اليتيم الأبوين، وهل نسي الصحابة قول الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} أم تراهم نسوا أن الإسلام يجب ما قبله؟ ! (حاشاهم) وحاشا لسيدنا علي أن يتهم معاوية وأباه بإسلامهما مكرهين ثم ينبش ما دفنه الإسلام من عيبة الجاهلية.