للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأحسَنَا السّيرة، وعدَلَا في الأمّة، وقد وَجَدنا عليهما أن تَولَّيا علينا- ونحن آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فغفرنا ذلك لهما، وولي عثمان رضي الله عنه فعمل بأشياءَ عابها النّاس عليه، فساروا إليه فقتلوه، ثم أتاني الناس وأنا معتزل أمورَهم، فقالوا لي: بايع، فأبَيتُ عليهم، فقالوا لي: بايعْ، فإنّ الأمة لا ترضى إلا بك! وإنّا نخاف إن لم تفعل أن يفترق الناس؛ فبايعتُهم، فلم يَرعْنِي إلّا شقاق رجُلين قد بايَعاني، وخلاف معاوية الذي لم يجعل الله عزّ وجلّ له سابقةً في الدين، ولا سلف صِدْق في الإسلام، طليق ابن طَلِيق، حِزْب من هذه الأحزاب، لم يزل لله عزّ وجلّ ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - وللمسلمين عدوًّا هو وأبوه حتى دخلا في الإسلام كارهين، فلا غَرْوَ إلّا خلافكم معه، وانقيادُكم له، وتدَعون آلَ نبيكم - صلى الله عليه وسلم - الذين لا ينبغي لكم شقاقُهم ولا خلافُهم، ولا أن تَعدِلوا بهم من الناس أحدًا، ألا إني أدعوكم إلى كتاب الله عزّ وجلّ وسنة نبيّه - صلى الله عليه وسلم - وإماتة الباطل، وإحياء معالم الدين؛ أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، ولكلّ مؤمن ومؤمنة، ومسلم ومسلمة.

فقالا: اِشهَدْ أنّ عثمانَ رضي الله عنه قُتل مظلومًا، فقال لهما: لا أقول إنه قُتل مظلومًا، ولا إنه قتل ظالمًا، قالا: فمَنْ لم يزعم أنّ عثمان قتل مظلومًا فنحن منه براء، ثم قاما فانصرفا. فقال عليّ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٨٠) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ} ثم أقبل عليّ على أصحابه فقال: لا يكون هؤلاء أوْلى بالجِدّ في ضلالهم منكم بالجِد في حقّكم وطاعة ربّكم (١). (٤: ٧ - ٨).


(١) إسناده تالف، وفي متنه نكارات ومنها قوله: (ثم اعتزل أمر الناس فيكون أمرهم شورى بينهم) والعجيب أننا لم نجد ولا رواية ضعيفة تؤيد افتراء أبي مخنف هذا حين زعم أن معاوية كان يطلب من خليفة المسلمين علي أن يعتزل الخلافة وإنما صح عنه أنه كان يطالب بالقصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه وقد سبق أن ذكرنا الرواية التاريخية بإسناد جيد عن أبي مسلم الخولاني عندما استفسر من معاوية عن سبب عدم طاعته للخليفة الراشد الرابع فكان مفهوم جواب سيدنا معاوية أنه يرى عليًّا أولى بأمر الخلافة ويقرّ له بذلك ولكن يريد أولًا القصاص من قتلة عثمان.
ونكرة أخرى هو تقوّل أبي مخنف على الإمام علي رضي الله عنه بعبارة: (وولي عثمان رضي الله عنه فعمل بأشياء عابها الناس عليها فساروا إليه فقتلوه) وكان سيدنا عثمان لم يكن ذا أهمية عند سيدنا علي ونسي! أبو مخنف أن عليًّا طلب الإذن من عثمان لكي يميلوا على =

<<  <  ج: ص:  >  >>