وقيل في تلك الوقعة أشعار كثيرة، فمن ذلك قول عمرو الورّاق:
عُرْيانُ ليس بذِي قَميصِ ... يَغدُو على طَلبِ القَميصِ
يَعْدُو عَلى ذِي جوشَنٍ ... يعمي العيونَ من البَصيصِ
في كفِّه طَرَّادَةٌ ... حمراءُ تلمعُ كالفُصوصِ
حَرِصًا عَلى طَلَب القِتَا ... ل أَشَدّ من حِرْص الحريصِ
سلِسَ القِيادِ كأَنَّما ... يَغدُو عَلى أَكلِ الخبيص
لَيْثًا مُغِيرًا لَم يَزَل ... رَأسًا يعدّ من اللصُوصِ
أَجْرى وأَثبَتَ مَقْدَمًا ... في الحرْبِ من أَسد رَهيصِ
يدْنو على سَنَنِ الهَوَا ... نِ وَعِيصُهُ من شَرِّ عيصِ
يَنجُو إِذا كانَ النَّجا ... ءُ على أَخَفَّ من القَلُوصِ
ما للكَمِيِّ إذا لِمَقْـ ... ـتَلهِ تعَرّضَ من محيصِ
كَم من شُجاعٍ فارسٍ ... قد بَاعَ بالثَّمَن الرَّخيصِ
يدعُو: أَلا مَنْ يَشترِي رأسَ ... الكمي بكَفِّ شيصِ!
وقال بعض أصحاب هرثمة:
يَفنَى الزَّمانُ وما يَفنَى قتالهُمُ ... والدُّور تُهدَمُ والأموال تَنتَقِصُ
والناس لا يستطيعون الذي طلبوا ... لا يدفعون الردى عنهم وإن حَرصُوا
يأتوننا بحديثٍ لا ضياءَ لَهُ ... في كلّ يوم لأَولادِ الزِّنا قصصُ
قال: ولما بلغا طاهرًا ما صنع الغزاة وحاتم بن الصقر بعبيد الله بن الوضاح وهرثمة اشتد ذلك عليه، وبلغ منه، وأمر بعقد جسر على دجلة فوق الشماسية، ووجه أصحابه وعبَّأهم، وخرج معهم إلى الجسر، فعبروا إليهم وقاتلوهم أشد القتال، وأمدهم بأصحابه ساعة بعد ساعة حتى ردوا أصحاب محمد وأزالوهم عن الشماسية، ورد المهاجر عبيد الله بن الوضاح وهرثمة.
قال: وكان محمد أعطى بنقض قصوره ومجالسه الخيزرانية بعد ظفر الغزاة ألفي ألف درهم، فحرقها أصحاب طاهر كلها، وكانت السقوف مذهّبة، وقتلوا من الغزاة والمنتهبين بشرًا كثيرًا، وفي ذلك يقول عمرو الوراق:
ثَقَلان وطاهر بن الحسين ... صبَّحونا صبيحةَ الإثنينِ
جمعوا جمعَهم بليل ونادَوا ... اطلبوا اليومَ ثأركم بالحسين