= لابن الزبير، ففعل وتبعه الناس، وبلغ ابنَ الزبير، فكتب الضحاك بإمرة الشام، ونفي من بمكة والمدينة من الأمويين، فكتب الضحاك إلى الأمراء الذين دعوا إلى ابن الزبير فأتوه، فلقيهم بأذرعات عبيد الله بن زياد مقبلًا من العراق، فحدثوه، فقال لمروان: سبحان الله، أرضيت لنفسك بهذا، أتبايع لأبي خبيب وأنت سيد قريش وشيخ بني عبد مناف! والله لأنت أولى بها منه، قال: فما ترى؟ قال: الرأي أن ترجع وتدعو إلى نفسك، وأنا أكفيك قريشًا ومواليها، فرجع ونزل عبيد الله بباب الفراديس، فكان يركب إلى الضحاك كل يوم، فعرض له رجل فطعنه بحربة في ظهره، وعليه من تحت الدرع، فانثنت الحربة، فرجع عبيد الله إلى منزله، فاتاه الضحاك يعتذر، وأتاه بالرجل فعفا عنه، وعاد يركب إلى الضحاك، فقال له يومًا: يا أبا أنيس، العجب لك وأنت شيخ قريش، تدعو لابن الزبير وأنت أرضى عند الناس منه، لأنك لم تزل متمسكًا بالطاعة، وابن الزبير مشاق مفارق للجماعة، فأصغى إليه ودعا إلى نفسه ثلاثة أيام، فقالوا: قد أخذت عهودنا وبيعتنا لرجل، ثم تدعو إلى خلعه من غير حدث أحدث! وامتنعوا عليه، فعاد إلى الدعاء لابن الزبير، فأفسده ذلك عند الناس، فقال عبيد الله بن زياد: من أراد ما تريد لم ينزل المدائن والحصون، بل يبرز ويجمع إليه الخيل فاخرج عن دمشق وضم إليك الأجناد، فخرج ونزل المرج، وبقي ابن زياد بدمشق، وكان مروان وبنو أمية بتدمر، وابنا يزيد بالجابية عند حسان فكتب عبيد الله إلى مروان: ادع الناس إلى بيعتك، ثم سر إلى الضحاك فقد أصحر لك، فبايع مروان بنو أمية، وتزوج بأم خالد بن يزيد بن معاوية، وهي بنت هاشم بن عتبة بن ربيعة، واجتمع خلق على بيعة مروان، وخرج ابن زياد فنزل بطرف المرج، وسار إليه مروان في خمسة آلاف، وأقبل من حوارين عباد بن زياد في ألفين من مواليه، وكان بدمشق يزيد بن أبي النمس فأخرج عامل الضحاك منها، وأمر مروان بسلاح ورجال، فقدم إلى الضحاك زفر بن الحارث الكلابي من قنسرين، وأمده النعمان بن بشير بشرحبيل بن ذي الكلاع في أهل حمص، فصار الضحاك في ثلاثين ألفًا، ومروان في ثلاثة عشر ألفًا أكثرهم من رجاله ولم يكن في عسكر مروان غير ثمانين عتيقًا نصفها لعباد بن زياد، فأقاموا بالمرج عشرين يومًا يلتقون في كل يوم، وكان على ميمنة مروان عبيد الله بن زياد، وعلى ميسرته عمرو بن سعيد الأشدق، فقال عبيد الله: إنا لا ننال من الضحاك إلَّا بمكيدة، فادع إلى الموادعة، فإذا أمنوا فكرّ عليهم، فراسله مروان، فأمسك الضحاك والقيسية عن القتال، وهم يطمعون أن مروان يبايع لابن الزبير، فأعدّ مروان أصحابه وشدَّ على الضحاك، ففزع قومه إلى راياتهم، ونادى الناس: يا أبا أنيس أعجزًا بعد كيس! فقال الضحاك نعم أنا أبو أنيس عجزٌ لعمري بعد كيس، والتحم الحرب، وصبر الضحاك فترجل مروان وقال: قبح الله من يوليهم اليوم ظهره حتى يكون الأمر لإحدى الطائفتين، فقتل الضحاك، وصبرت قيس على رايتها يقاتلون عندها، فاعترضها رجل بسيفه، فكان إذا سقطت الراية تفرق أهلها، ثم انهزموا فنادى منادي مروان =