فصالحوه على فدية حملوها إليه، ورجع إلى المهلب فأرسلت أمّ الذي قتله السبل إلى أمّ السبل: كيف تَرجين بقاء السبل بعد قتل ابن عمه، وله سبعة إخوة قد وترهم! وأتت أمّ واحد فأرسلت إليها: إن الأسد تقلّ أولادُها، والخنازير كثير أولادها.
ووجّه المهلب ابنه حبيبًا إلى رَبِنْجَن فوافى صاحب بُخارى في أربعين ألفًا، فدعا رجل من المشركين إلى المبارزة، فبرز له جبلة غلام حبيب، فقتل المشرك، وحمل على جمعهم، فقتل منهم ثلاثة نفر، ثمّ رجع ورجع العسكر، ورجع العدوّ إلى بلادهم، ونزلتْ جماعةٌ من العدوّ قرية، فسار إليهم حبيب في أربعة آلاف. فقاتلهم فظفر بهم، فأحرَقَها، ورجع إلى أبيه فسميت المحترقة، ويقال إن الذي أحرقها جَبَلة غلام حبيب.
قال: فمكث المهلب سنتين مقيمًا بكسّ، فقيل له: لو تقدّمتَ إلى السغْد وما وراء ذلك! قال: ليتَ حَظِّي من هذه الغَزْوة سلامة هذه الجُنْد، حتى يرجعوا إلى مَرْو سالمين.
قال: وخرج رجلٌ من العدو يومًا، فسأله البزار، فبرز إليه هريم بن عديّ، أبو خالد بن هريم وعليه عمامةٌ قد شَدّها فوق البَيضة، فانتهى إلى جَدْوَل، فجاوَلَه المشرك ساعة فقتله هُرَيم وأخذ سلَبه، فلامَه المهلب، وقال: لو أصبت ثم أمددتُ بألفِ فارس ما عَدَلوكَ عندي، واتهم المهلبُ وهو بكس قومًا من مضرَ فحبسهم بها، فلما قفل وصار صُلْحٌ خلّاهم، فكتب إليه الحجاج: إن كنت أصبتَ بحبسهم فقد أخطأت في تخليتهم؛ وإن كنتَ أصبت بتخليتهم فقد ظلمتهم إذ حبستهم. فقال المهلب: خفتُهم فحبستهم، فلما أمنتُ خلّيتهم.
وكان فيمن حبَس عبد الملك بن أبي شيخ القشيريّ. ثم صالح المهلبُ أهلَ كس على فدية، فأقام ليقبضها، وأتاه كتابُ ابن الأشعث بخَلْع الحجاج ويدعوه إلى مساعدته على خَلْعه، فبعث بكتاب ابن الأشعث إلى الحجَّاج (١). (٦: ٣٢٥ - ٣٢٦).
(١) قلنا: لو أفصح المدائني الصدوق عن شيوخه الذبن أبهم أسماءهم لقلنا هذا إسناد مرسل متعدد المخارج ولا نستطيع أن نثبت هذه التفاصيل بهدا الإسناد ولعلَّ في المتن نكارة إلَّا أننا ذكرنا هذه الرواية هنا لنثبت عبور المهلب لنهر كسّ ضمن أحداث هذه السنة. والله أعلم.