وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في ترجمة سليمان: وكان فصيحًا مفوها عادلًا محبًا للغزو. [تر ٦٧٣]. وقال الدينوري: وكانت ولايته سنة ست وتسعين فافتتح بخير وختم بخير لأنه رد المظالم إلى أهلها ورد المسيرين وأخرج المسجونين الذين كانوا بالبصرة واستخلف عمر بن عبد العزيز وأغزى مسلمة أخاه الصائفة حتى بلغ القسطنطينية فأقام بها حتى مات سليمان. [المعارف (ص ٣٦٠)]. وأخيرًا فإننا نذكر هنا رواية تاريخية مسندة أخرجها المؤرخ البسوي رحمه الله قال: ثني عبد الرحمن: ثنا الوليد قال: ثني عبيد الله قال: دخلت على الحجاج فأشار بيده فقلت: عبيد الله بن يزيد بن أبي مسلم الثقفي. قال: قد فرضنا لك في كذا وكذا، قال عبيد الله: فلما مات الحجاج في بقية خلافة الوليد، تولى يزيد بن أبي مسلم على العراق أربعة أشهر، فلما هلك الوليد، وولي سليمان عزله وولى يزيد بن المهلب العراق، فأشخصه إلى سليمان فقدم عليه وهو بالبقاء، فأوقفه للناس فما أتى أحد يتكلم فيه بشيء إلَّا أن رجلًا من أهل المدينة أدلى بأن يزيد قد نال منه بالعراق لطمة، فسأله القود منه، فأقاده، فلطمه لطمة أخضرت منها عينيه، فلما رأى سليمان أن أحدًا لا يتبعه بمظلمة أدخله عليه وجعل يسائله عن أمور الناس وعن سيرة الحجاج وأعماله، فكلما أخبره ببعض ما يكره يقول: ويحك يا يزيد ما ترى الله صانعًا بالحجاج يوم القيامة؟ قال: فسكت يزيد، فلما أكثر عليه قال: أقول يا أمير المؤمنين إن الله سيجعله ثالثًا لأبيك وأخيك وبينهما فإن دخلا الجنة فعاملهما والمنفذ لأمرهما، وإن دخلا النار فما سؤالك عنه ... إلخ الخبر. [المعرفة والتاريخ (٢: ٤٨١ - ٤٨٢)]. قلنا: وهذه الرواية تؤكد أن خلفاء بني أمية كانوا مهتمين برأي الناس في ولاتهم (نقول: بصورة عامة وخاصة سيدنا معاوية وسليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز وهشام وغيرهم) وتؤكد كذلك خطأ من اعتمد على الروايات الضعيفة جدًّا والتي تزعم أن الخليفة الأموي أطلق قولة لا قود من العمال والله تعالى أعلم. وكما قررنا في حديثنا عن خلافة معاوية رضي الله عنه أن الأمة نعمت في عهده بالأمن والأمان ولقد جعل الله لذلك سببين بقدره: الأول: تنازل الحسن من منصبه لأخيه معاوية حقنًا للدماء وتفضيلًا للجزاء الأخروي. والسبب الآخر: هو ما رزقه الله معاوية من صفات قيادية حميدة ذكرناها في وقتها. فكذلك كان لسليمان بن عبد الملك الحظ الأوفر من عدالة عمر بن عبد العزيز وكما روى أبو مهر عن سعيد بن عبد العزيز قال: كانت خلافة سليمان كأنها خلافة عمر بن عبد العزيز =