وقال ابن كثير ضمن حديثه عن وقائع سنة ١٠٢ هـ "ففيها كان اجتماع مسلمة بن عبد الملك مع يزيد بن المهلب" البداية والنهاية [٧/ ١٨١]. ولقد ذكر الطبري روايات عدة ذكر فيها تفاصيل هذه الوقعة وكلها من طريق التالف الهالك أبي مخنف ولم نجد لتفاصيلها ما يؤيدها ولعل الشيء الذي وافق فيه أبو مخنف الرواية الصحيحة أن الإمام التابعي الحسن البصري كان معارضًا لخروج يزيد بن المهلب ولكنه لم يستطع أن يذكر هذه الحقيقة مجردًا بل لفَّق بجنبها أمورًا غير صحيحة ونسبها إلى الحسن البصري، والبصري منها براء ومنها أن الحسن لعن بني أمية كذلك وسبّهم وشتمهم وأعلن أنه لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء بينما الرواية الصحيحة (كما سنذكر بعد قليل) تؤكد أنه كان يدعو الناس إلى الصبر وعدم الخروج وخاصة بعد أن انعقدت البيعة ليزيد بن عبد الملك وبايعه العامة بعد بيعة أهل الحل والعقد. فقد أخرج البلاذري "حدثني أبو الربيع الزهراني ثنا حماد بن زيد عن كلثوم بن جبر قال: قلت للحسن: إن أكرهني يزيد بن المهلب على الخروج معه فهل عليّ؟ قال: تناشده قلت: فإن أبي قال: فكن عبد الله المقتول قال: فخرجت إلى مكة فسألت مجاهدًا فقال لي مثل قول الحسن" [جمل من أنساب الأشراف ٨/ ٣١٣ / ٣٥٠١]. وأخرج البلاذري حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي ثنا أبو داود الطيالسي ثنا شعبة عن الحسن أنه قال في يزيد بن المهلب "كلما نعر لهم ناعر اتبعوه هذا عبد الله بن المهلب"-[كتاب جمل من أنساب الأشراف ٨/ ٣٠٩ / ٣٤٩٧] وهذا إسناد صحيح. وأخرج البلاذري: وحدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي ثنا وهب بن جرير بن حازم ثنا عمر بن يزيد قال: سمعت الحسن أيام المهلب يقول: والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا لم يلبثوا أن يفرّج الله عنهم-[٨/ ٣٠٩ / ٣٤٩٧]. ولذلك صحّ قول الحافظ ابن كثير رحمه الله [وكان الحسن البصري في هذه الأيام يحرّض الناس على الكفّ وترك الدخول في الفتنة وينهاهم أشدّ النهي وذلك لما وقع من الشرّ الطويل العريض في أيام ابن الأشعث وما قتل بسبب ذلك من النفوس العديدة وجعل الحسن يخطب الناس ويعظم في ذلك ويحرّضهم على الكف" البداية والنهاية [٧/ ١٨١].