للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: حدّثني ابن أبي نُحَيلة عن عقَّال بن شَبَّة قال: دخلتُ على هشام، وعليه قبَاء فنَك أخضر، فوجّهني إلى خُراسان، وجعل يوصيني وأنا أنظر إلى القباء، ففطن، فقال: ما لك؟ قلت: رأيت عليك قبل أن تلي الخلافة قَباء فَنَك أخضر، فجعلت أتأمّل هذا، أهو ذاك أم غيره؟ فقال: هو والله الذي لا إله إلا هو ذاك، ما لي قَباء غيره. وأما ما ترون من جمعي هذا المال وصونه فإنه لكم. قال: وكان عقَّال مع هشام. فأما شبّة أبو عَقّال؛ فكان مع عبد الملك بن مروان، وكان عقّال يقول: دخلت على هشام، فدخلت على رجل محشوّ عَقْلًا (١).

حدّثني أحمد بن زهير، قال: حدّثني عليّ، قال: قال مروان بن شجاع؛ مولى لمروان بن الحكم: كنت مع محمد بن هشام بن عبد الملك، فأرسل إليّ يومًا، فدخلتُ عليه، وقد غضب وهو يتلهَّف، فقلتُ: ما لك؟ فقال: رجل نَصرانيٌّ شجَّ غلامي - وجعل يشتمه - فقلت له: على رِسْلك! قال: فما أصنع؟ قلت: ترفعه إلى القاضي، قال: وما غير هذا! قلت: لا، قال خصيّ له: أنا أكفيك، فذهب فضربه. وبلغ هشامًا فطلب الخصيّ، فعاذ بمحمد، فقال محمد بن هشام: لم آمرك، وقال الخصيّ: بلى والله لقد أمرتَني، فضرب هشام الخصي وشتم ابنَه (٢).

حدّثني أحمد، قال: حدَّثنا عليّ، قال: قال جعفر بن سليمان: قال لي عبد الله بن عليّ: جمعتُ دواوين بني مروان، فلم أرَ ديوانًا أصحّ ولا أصلح للعامة والسلطان من ديوان هشام (٣).


(١) الخبر أخرجه البلاذري (٨/ ٣٥٦) وفيه ريسان الأعرجي بدل وسنان - ولفظه دخلت على هشام وعليه قباء أخضر. إلخ وليس فيه (فنك) وشيخ الطبري هنا ثقة والمدائني صدوق ولم نجد لوسنان ترجمة وأما ابن أبي نحيلة فقد ترجم له عقال بن عساكر وعقال بن شبة ذكره ابن حبان في الثقات ولآخر الخبر ما يشهد له [وأما ما ترون من جمعي المال وصونه لكم] فله ما يؤيده كما سنذكر في الخلاصة فبما بعد عند الحديث عن السياسة المالية لهشام بن عبد الملك.
(٢) رجال هذا الإسناد بين الثقة والصدوق وهو دليل ساطع على احترام حقوق أهل الذمة أيام الخلافة الإسلامية وعدالة هشام مع رعيته.
(٣) رجال هذا الإسناد بين الثقة والصدوق إلى عبد الله بن علي والخبر أخرجه البلاذري [كتاب جمل من أنساب الأشراف ٨/ ٣٩١] ويشهد له الذي بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>