فلما بلغ يزيدَ بن الوليد خبرهم، وجّه إليهم رسُلًا فيهم يعقوب بن هانئ، وكتب إليهم: إنه ليس يَدْعو إلى نفسه، ولكنه يدعوهم إلى الشورى. فقال عمرو بن قيس السَّكونيّ: رضينا بوليّ عهدنا -يعني ابن الوليد بن يزيد- فأخذ يعقوب بن عمير بلحيته، فقال: أيها العَشَمة، إنك قد فيّلت وذهب عقلُك؛ إن الذي تعني لو كان يتيمًا في حجرك لم يحلّ لك أن تدفع إليه ماله، فكيف أمر الأمَة! فوثب أهل حمص على رسل يزيد بن الوليد فطردوهم.
وكان أمر حمص لمعاوية بن يزيد بن حُصَيْن، وليس إلى مروان بن عبد الله من أمرهم شيء، وكان معهم السّمط بن ثابت، وكان الذي بينه وبين معاوية بن يزيد متباعدًا. وكان معهم أبو محمد السفيانيّ فقال لهم: لو قد أتيتُ دمشق، ونظر إليّ أهلها لم يخالفوني. فوجّه يزيد بن الوليد مسرور بن الوليد والوليد بن رَوْح في جمع كبير، فنزلوا حُوّارين، أكثرهم بنو عامر من كلب. ثم قدم على يزيد سليمان بن هشام فأكرمه يزيد، وتزوّج أخته أم هشام بنت هشام بن عبد الملك. وردّ عليه ما كان الوليد أخذه من أموالهم، ووجَّهه إلى مسرور بن الوليد والوليد بن رَوْح، وأمرهما بالسمع والطاعة له. وأقبل أهل حِمْص فنزلوا قرية لخالد بن يزيد بن معاوية (١).
حدّثني أحمد، قال: حدَّثنا عليّ، عن عمرو بن مروان الكلبيّ، قال: حدّثني عمرو بن محمد ويحيى بن عبد الرحمن البهرانيّ، قالا: قام مروان بن عبد الله، فقال: يا هؤلاء؛ إنكم خرجتم لجهاد عدوّكم والطلب بدم خليفتكم وخرجتم مخرجًا أرجو أن يعظم الله به أجركم ويحسن عليه ثوابكم. وقد نجم لكم منهم قرن. وشال إليكم منهم عُنُق ولست أرى المضي إلى دمشق وتخليف هذا الجيش خلفكم فقال السمط: هذا والله العدوّ القريب الدار، يريد أن ينقض جماعتكم وهو ممايل للقدريّة. قال فوثب الناس على مروان بن عبد الله فقتلوه وقتلوا ابنه ورفعوا رأسيهما للناس وإنما أراد السمط بهذا الكلام خلاف معاوية بن يزيد فلما قتل مروان بن عبد الله ولّوا عليهم أبا محمد السفياني وأرسلوا إلى سليمان بن هشام إنا آتوك فأقم بمكانك فأقام.
(١) لم يسند المدائني كلامه هنا إلى أحدٍ من شيوخه وله ما يتابعه في الروايات الآتية.