للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجابني من أهل ولايتي، وسعيت فيه حتى أراح الله منه العباد والبلاد بحول الله وقوته، لا بحولي وقوتي.

أيها الناس، إنّ لكم عليَّ ألا أضع حجرًا على حجر، ولا لبنة على لبنة؛ ولا أكري نهرًا، ولا أكثر مالًا، ولا أعطيه زوجة ولا ولدًا، ولا أنقل مالًا من بلدة إلى بلدة حتى أسدَّ ثغر ذلك البلد وخصاصة أهله بما يُعينُهم؛ فإن فَضل فضل نقلته إلى البلد الذي يليه؛ ممن هو أحوج إليه، ولا أجمّركم في ثغوركم فأفتنكم وأفتن أهليكم، ولا أغلق بابي دونَكم؛ فيأكل قويّكم ضعيفكم، ولا أحمل على أهل جزيتكم ما يجليهم عن بلادهم ويقطع نسلهم، وإنّ لكم أعطياتكم عندي في كل سنة وأرزاقكم في كلّ شهر؛ حتى تستدرّ المعيشة بين المسلمين، فيكون أقصاهم كأدناهم، فإن وفيتُ لكم بما قلت؛ فعليكم السمع والطاعة وحسن المؤازرة، وإن أنا لم أف فلكم أن تخلعوني؛ إلا أن تستتيبوني؛ فإن تبت قبلتم مني، فإن علمتم أحدًا ممن يُعرَفُ بالصلاح يُعطيكم من نفسه مثل ما أعطيتكم فأردتم أن تبايعوه؛ فأنا أوّل مَن يبايعه، ويدخل في طاعته.

أيّها الناس، إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا وفاء له بنقض عهد، إنما الطاعة طاعة الله؛ فأطيعوه بطاعة الله ما أطاع، فإذا عصى الله ودعا إلى المعصية، فهو أهل أن يُعصَى ويُقتل. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم (١).


(١) ذكر الطبري هذه الخطبة بدون إسناد وقد أوردها خليفة بإسناد.
قال خليفة: فحدثني إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثني إبراهيم بن إسحاق: أن يزيد بن الوليد قام خطيبًا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد: أيها الناس إني والله ما خرجتُ أشرًا، ولا بطرأ، ولا حرصًا على الدنيا، ولا رغبة في الملك، وما بي إطراء نفسي، ولا تزكية عملي، وإني لظلوم لنفسي إن لم يرحمني ربي، ولكني خرجتُ غضبًا لله ودينه، وداعيًا إلى كتابه وسنة نبيِّه حين دَرَلسَت معالم الهدى، وطفئ نور أهل التقوى، وظهر الجبار العنيد، المستحل الحرمة، والراكب البدعة، والمُغَيِّر السُّنة، فلمّا رأيت ذلك أشفقت إذ غشيتكم ظلمةٌ لا تقلِعُ اعنكم على كثرة من ذنوبكم، وقسوة من قلوبكم، وأشفَقْتُ أن يدعو كثيرًا من الناس إلى ما هو عليه، فيجيبه من أجابه منكم، فاستخرتُ الله في أمري، وسألتُهُ ألا يكلني إلى نفسي، ودعوت إلى ذلك من أجابني من أهلي وأهل ولايتي، وهو ابن عمي في نسبي وكفئي في حسبي، فأراح الله منه العباد، وطهر منه البلاد، ولاية من الله وعونًا بلا حول منا ولا قوة، ولكن بحول الله وقوته وولايته وعونه. أيها الناس: إن لكم عندي إن وليتُ أموركم =

<<  <  ج: ص:  >  >>