مروان، وإظهاره ما أظهر من ذلك، وتوجيهه وهو بحرّان محمد بن عبد الله بن عُلاثة وجماعة من وجوه أهل الجزيرة. فحدثني أحمد، قال: حدَّثنا عبد الوهاب بن إبراهيم، قال: حدَّثنا أبو هاشم مخلَّد بن محمد، قال: لما أتى مَرْوانَ موتُ يزيد أرسل إلى ابن عُلاثة وأصحابه فردّهم من مَنْبج، وشخص إلى إبراهيم بن الوليد، فسار مَرْوان في جند الجزيرة، وخلّف ابنه عبد الملك في أربعين ألف من الرَّابطة بالرقة. فلما انتهى إلى قِنَّسرين، وبها أخ ليزيد بن الوليد يقال له بشْر، كان ولاه قنَّسرين فخرج إليه فصافّه، فنادى الناس، ودعاهم مرْوان إلى مبايعته، فمال إليه يزيد بن عمر بن هبيرة في القيسيّة، وأسلموا بشرًا وأخًا له يقال له مسرور بن الوليد، - وكان أخا بشر لأمه وأبيه - فأخذه مرْوان وأخاه مسرور بن الوليد؛ فحبسهما وسار فيمن معه من أهل الجزيرة وأهل قِتسرين، متوجّهًا إلى أهل حِمْص؛ وكان أهل حمص امتنعوا حين مات يزيد بن الوليد أن يبايعوا إبراهيم وعبد العزيز بن الحجاج، فوجّه إليه إبراهيم عبدَ العزيز بن الحجاج وجندَ أهل دمشق، فحاصرهم في مدينتهم، وأغذّ مَرْوان السَّير، فلما دنا من مدينة حمْص، رحل عبد العزيز عنهم، وخرجوا إلى مَرْوان فبايعوه، وساروا بأجمعهم معه، ووجّه إبراهيم بن الوليد الجنودَ مع سليمان بن هشام، فسار بهم حتى نزل عين الجَرّ، وأتاه مروان وسليمان في عشرين ومئة ألف فارس ومروان في نحو من ثمانين ألفًا فالتقيا، فدعاهم مَرْوان إلى الكفّ عن قتاله، والتخلية عن ابني الوليد: الحكَم وعثمان، وهما في سجن دمشق محبوسان، وضمِن عنهما ألا يؤاخذاهم بقتلهم أباهما، وألا يطلبا أحدًا ممن ولى قتله؛ فأبوْا عليه، وجدُّوا في قتاله؛ فاقتتلوا ما بين ارتفاع النهار إلى العصر، واستحرّ القتل بينهم؛ وكثر في الفريقين. وكان مَرْوان مجرّبًا مكايدًا، فدعا ثلاثة نفر من قوّاده - أحدهم أخ لإسحاق بن مسلم يقال له عيسى - فأمرهم بالمسير خلف صَفّه في خيله وهم ثلاثة آلاف، ووجّه معهم فَعلة بالفؤوس، وقد ملأ الصفّان من أصحابه وأصحاب سليمان بن هشام ما بين الجبلين المحيطين بالمرْج، وبين العسكرين نهر جرّار، وأمرهم إذا انتهوا إلى الجبل أن يقطعوا الشَّجَر، فيعقدوا جسورًا، ويجوزوا إلى عسكر سليمان، ويغيروا فيه.