للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عليّ: قال زهير بن الهُنيْد: خرج الكرمانيّ إلى بِشْر بن جُرْموز، وعسكر خارجًا من المدينة؛ مدينة مَرْو، وبشر في أربعة آلاف، فعسكر الحارث مع الكرمانيّ، فأقام الكرمانيّ أيامًا بينه وبين عسكر بِشْر فرسخان، ثم تقدّم حتى قرب من عسكر بشر، وهو يريد أن يقاتله، فقال للحارث: تقدّم. وندم الحارث على اتباع الكرمانيّ، فقال: لا تعجل إلى قتالهم، فإني أردّهم إليك، فخرج من العسكر في عشرة فوارس؛ حتى أتى عسكر بِشْر في قرية الدّرزِيجان، فأقام معهم وقال: ما كنتُ لأقاتلكم مع اليمانية، وجعل المضرِيّون ينسلّون من عسكر الكرمانيّ إلى الحارث حتى لم يبق مع الكِرمانيّ مضريّ غير سَلَمة بن أبي عبد الله، مولى بني سُلَيم؛ فإنه قال: والله لا أتبع الحارث أبدًا فإني لم أره إلا غادرًا ومهلّب بن إياس، وقال: لا أتبعه فإني لم أره قطّ إلا في خيل تطّرد. فقاتلهم الكرمانيّ مرارًا، يقتتلون ثم يرجعون إلى خنادقهم، فمرَّةً لهؤلاء ومرّة لهؤلاء، فالتقوْا يومًا من أيامهم، وقد شرب مَرثد بن عبد الله المجاشعيّ، فخرج سكران على بِرْذون للحارث، فطُعن فصُرع، وحماه فوارس من بني تميم؛ حتى تخلص، وعار البرذون، فلما رجع لامه الحارث، وقال: كدتَ تقتل نفسك، فقال للحارث: إنما تقول ذلك لمكان برْذونك، امرأتي طالق إن لم آتك ببرذَوْن أفرَه من برذونك من عسكرهم، فالتقوا من غد، فقال مرثد: أيّ برذون في عسكرهم أفره؟ قالوا: برذون عبد الله بن دَيسَم العَنَزيّ - وأشاروا إلى موقفه - حتى وصل إليه، فلما غشيَه رمى ابن ديسم نفسه عن برْذوْنه، وعلّق مرثد عنان فرسه في رمحه، وقاده حتى أتى به الحارث، فقال: هذا مكان بِرْذونك، فلقي مخلد بن الحسن مرثدًا، فقال له يمازحه: ما أهيأ برذون ابن ديسم تحتَك! فنزل عنه، وقال: خذه، قال أردت أن تفضحني! أخذتَه منا في الحرب وآخذه في السلم! ومكثوا بذلك أيامًا، ثم ارتحل الحارث ليلًا، فأتى حائط مَرْو فنقب بابا، ودخل الحائط، فدخل الكِرماني، وارتحل، فقالت المضريّة للحارث: قد تركنا الخنادق فهو يومنا، وقد فررت غير مَرّة، فترجّل. فقال: أنا لكم فارسًا


= وأما ما ذكره الطبري من تفاصيل كثيرة فلم نجد لها ما يؤيدها ولم يروه الطبري بطريق مسند موصول صحيح. فذكرناها في قسم المسكوت عنه فليراجع هناك (٧/ ٣٣٠ - ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>