للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبكوْه وناحوا عليه، وخرج عبد الملك بن بشر التغلبيّ القائد الذي كان وجّهه في عسكرهم إلى الرّقة حتى دخل عسكر مَرْوان، ودخل عليه فاعلمه أنّ الضحاك قتِل، فأرسل معه رسلًا من حرَسه، معهم النيران والشَّمْع إلى موضع المعركة، فقلّبا القتلى حتى استخرجوه، فاحتملوه حتى أتوْا به مَرْوان، وفي وجهه أكثر من عشرين ضَرْبة، فكبّر أهل عسكر مَرْوان، فعرف أهل عسكر الضحاك أنهم قد علموا بذلك، وبعث مروان برأسه من ليلته إلى مدائن الجزيرة، فطيِف به فيها (١).


(١) أورد الطبري هذين الخبرين أحدهما عن التالف أبي مخنف مختصرًا والثاني بسنده الموصول عن مخلد بن محمد (انظر المقدمة) وقد أوردنا روايات أبي مخنف المختصرة جدًّا كهذه في قسم الصحيح شريطة أن تكون مؤيّدةً بروايات أخرى من مصادر موثوقة وكما الحال هاهنا فإن رواية الطبري الثانية عن مخلد بن محمد تؤيد هذه الحادثة وأعني مقتل الضحاك الخارجي سنة ١٢٨ هـ في العراق في معركة أمام جيش عبد الله بن عمر بن عبد العزيز وكذلك أخرج خليفة بن خياط عدة روايات تؤيد وقوع هذه الحادثة وهزيمة الضحاك ومقتله مع اختلاف يسير في بعض التفاصيل لا تؤثر على أصل الخبر وإليك أخي القارئ الكريم ما أخرجه خليفة.
قال خليفة: قال إسماعيل بن إسحاق فحدثني الوليد بن سعيد قال خرج منصور يومًا فحمل على عبد الملك بن علقمة فطعنه فأنفذ الرمح من ظهره فقتله فتقوضت صفوف الضحاك وانصرفوا جزعًا عليه يقال كان القتال ستة أشهر ويقال سنة حتى صالحه ابن عمر فأرسل ابن عمر إلى الضحاك على أن يعطيه الرضا ويقره على عمله (تأريخ خليفة / ٣٩٧) ثم أخرج خليفة: قال إسماعيل فحدثني عون بن يزيد الباهلي قال إني بواسط إذ رأيت عبد الله بن عمر أتى الضحاك فأعطاه الرضا وفي ذلك قال سبيل بن عزرة الضبعي:
ألم تر أن الله أظهر دينه ... وصلت قريش خلف بكر بن وائل
[تأريخ خليفة بن خياط / ٣٩٨].
ولما كان خليفة والطبري يتبعان نظام الحوليات في تدوين التأريخ فانهما يجزّئان الحادثة ويقطعانها بين السنين وإلى هنا كانت الروايات عند خليفة (عن معارك الضحاك) ضمن أحداث سنة ١٢٧ هـ ثم بدأ بتتمة الحديث عن خروج الضحاك ومقتله ضمن أحداث سنة ١٢٨ هـ وكما فعل الطبري من بعده، فقال خليفة ضمن حديثه عن وقائع سنة ١٢٨ هـ: خبر القتال بين الضحاك ومروان: فيها (أي ١٢٨ هـ) سار الضحاك بين قيس حتى أتى الموصل فخرج إليه عاملها فقتله الضحاك واستولى على المدينة فبلغ مروان فكتب إلى ابنه عبد الله بن مروان وهو يومئذ على الجزيرة يامره أن ينزل بنصيبين وسار إليه الضحاك فحاصره نحوًا من شهرين فلم يظفر منه بشيء وبثّ الخيول في الغارة على أرض الجزيرة حتى بلغت خيله الرقة، واجتمعت إلى الضحاك ملوك أهل الشام ممن هرب من مرو من قريش وغيرهم وسار =

<<  <  ج: ص:  >  >>