للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأسه لغَدْرة، فقال: يا أخي، قد عرفتَ بَلاءَه وما كان منه، فقال أبو جعفر: يا أمير المؤمنين، إنما كان بدولتنا، والله لو بعثتَ سنَّورًا لقام مقامه، وبلغ ما بلغ في هذه الدولة، فقال له أبو العباس: فكيف نقتله؟ قال: إذا دخل عليك وحادثته وأقبل عليك دخلتُ فتغفلتُه فضربتُه من خلْفه ضربة أتيت بها على نفسه، فقال أبو العباس: فكيف بأصحابه الذين يؤثرونه على دينهم ودنياهم؟ قال: يؤول ذلك كله إلى ما تريد، ولو علموا أنه قد قُتل تفرّقوا وذلّوا، قال: عزمتُ عليك إلا كففتَ عن هذا، قال: أخاف والله إن لم تتغدّه اليوم أن يتعشاك غدًا، قال: فدونكه، أنت أعلم.

قال: فخرج أبو جعفر من عنده عازمًا على ذلك، فندِم أبو العباس وأرسل إلى أبي جعفر: لا تفعل ذلك الأمر.

وقيل: إن أبا العباس لما أذِن لأبي جعفر في قتل أبي مسلم، دخل أبو مسلم على أبي العباس، فبعث أبو العباس خصيًّا له، فقال: اذهب فانظر ما يصنع أبو جعفر؛ فأتاه فوجده محتبيًا بسيفه، فقال للخَصيّ: أجالسٌ أمير المؤمنين؟ فقال له: قد تهيّأ للجلوس، ثم رجع الخصيّ إلى أبي العباس فأخبره بما رأى منه، فردَّه إلى أبي جعفر وقال له: قل له الأمر الذي عزمتَ عليه لا تُنفِذْه. فكفّ أبو جعفر (١).


(١) هذه روايات ثلاث في قدوم أبي مسلم على أبي جعفر الأولى ذكرها الطبري بإسناد مركب من المدائني وفي الإسناد الوليد بن هشام عن أبيه وهذا إسناد مقبول في باب التأريخ بالشروط التي ذكرنا آنفًا ومن باب التساهل في رواية التأريخ قبلنا قول الطبري ذكر علي (أي: المدائني) وخاصة في الأجزاء الأخيرة من تأريخ الطبري لأنه قلّل من استعمال الإسناد بصورة كبيرة.
وكذلك روى الخبر الثاني من طريق المدائني عن الوليد عن أبيه. وأما الثالث فقد ذكره بلا =

<<  <  ج: ص:  >  >>