للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان ذلك كذلك، وكان الخبرُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحيحًا: أنه أخبر عن الباقي من ذلك في حياته أنه نصف يوم، وذلك خمسمئة عام؛ إذْ كان ذلك نصف يوم من الأيام التي قدر اليوم الواحد منها ألف عام كان معلومًا: أن الماضيَ من الدنيا إلى وقت قول النبي ما رويناه عن أبي ثعلبة الخشني عنه، كان قدر ستة آلاف سنة وخمسمئة سنة، أو نحوًا من ذلك وقريبًا منه. والله أعلم.

فهذا الذي قلنا - في قدر مدة أزمان الدنيا، من مبدأ أوّلها إلى منتهى آخرها - مِنْ أثبتِ ما قيل في ذلك عندنا من القول، للشواهد الدالة التي بيناها على صحة ذلك. (١: ١٦/ ١٧).

٩ - وقد روي عن رسول الله خبرٌ يدلُّ على صحة قول من قال: إن الدنيا كلها ستة آلاف سنة، لو كان صحيحًا سنده لم نعدُ القولَ به إلى غيره؟ وذلك ما حدّثني به محمد بن سنان القزاز، قال: حدَّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا زبّان، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله قال: "الحُقْب ثمانون عامًا، اليوم منها سدس الدنيا" (١).

فبيّن في هذا الخبر أن الدنيا كلها ستة آلاف سنة، وذلك أن اليومَ الذي هو من أيام الآخرة إذا كان مقداره ألفَ سنة من سنِي الدنيا، وكان اليوم الواحد من ذلك سدس الدنيا، كان معلومًا بذلك أن جميعها ستة أيام من أيام الآخرة، وذلك ستة آلاف سنة. (١: ١٧).

١٠ - وقد زعم اليهود أن جميعَ ما ثبت عندهم - على ما في التوراة مما هو فيها من لدن خلق الله آدم إلى وقت الهجرة، وذلك في التوراة التي هي في أيديهم اليوم أربعةُ آلاف سنة وستمئة سنة واثنتان وأربعون سنة، وقد ذكروا تفصيل ذلك بولادة رجل رجل، ونبي نبي، وموته من عهد آدم إلى هجرة نبينا محمد. وسأذكر تفصيلهم ذلك إن شاء الله، وتفصيل غيرهم ممن فصّله من علماء أهل الكتب وغيرهم من أهل العلم بالسير وأخبار الناس إذا انتهيت إليه إن شاء الله.

وأما اليونانية من النصارى فإنها تزعم أن الذي ادّعته اليهود من ذلك باطل، وأن الصحيحَ من القول في قدْر مدّة أيام الدنيا - من لدُنْ خلق الله آدم إلى وقت


(١) ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>