للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخلق الأرض على حوت - والحوت هو النون الذي ذكر الله - عَزَّ وَجَلَّ - في القرآن: {ن وَالْقَلَمِ} والحوت في الماء، والماء على ظهر صَفاة، والصَّفاة على ظهر مَلَك، والملك على صخرة، والصخرة على الريح - وهي الصخرة التي ذكر لقمان - ليست في السماء ولا في الأرض، فتحرَّك الحوت فاضطرب، فتزلزلت الأرضُ، فأرسى عليها الجبال فقرّت، فالجبال تفخر على الأرض؛ فذلك قوله تعالى: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} (١). (١: ٥٢/ ٥٣).

٦٠ / أ - قال أبو جعفر: فقد أنبأ قولُ هؤلاء الذين ذكرتُ: أنّ الله تعالى أخرج من الماء دخانًا حين أراد أن يخلُق السموات والأرض، فسما عليه - يَعنون بقولهم: "فسما عليه" علا على الماء، وكلُّ شيء كان فوق شيء عاليًا عليه فهو له سَماءُ - ثم أيبس بعد ذلك الماء، فجعله أرضًا واحدة: أن الله خلق السماء غير مسوّاة قبل الأرض، ثم خلَق الأرض.

وإن كانَ الأمر كما قال هؤلاء، فَغيرُ محال أن يكون الله تعالى أثارَ من الماء دخانًا فعلَّاه على الماء، فكان له سماء، ثم أيبس الماء فصار الدخان الذي سما عليه أرضًا، ولم يدحُها، ولم يقدِّر فيها أقواتها، ولم يُخرِج منها ماءها ومرعاها، حتى استوى إلى السماء؛ التي هي الدخان الثائر من الماء العالي عليه، فسوَّاهنّ سبع سموات، ثم دحا الأرض التي كانت ماءً فيبَّسه ففتقه، فَجعلها سبع أرضين، وقدَّر فيها أقواتها، {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١) وَالْجِبَال أَرْسَاهَا}، كما قال عزّ وجلّ. فيكون كلّ الذي روي عن ابن عباس في ذلك - على ما رويناه - صحيحًا معناه (٢). (١: ٥٣).

٦٠ / ب - وأما يومُ الإثنين فقد ذكرنا اختلافَ العلماء فيما خلق فيه، وما رُوي في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلُ.

وأما ما خلق في يوم الثلاثاء والأربعاء، فقد ذكرنا أيضًا بعضَ ما رُوي فيه،


(١) هذا إسناد لم يصححه الطبري نفسه بل قال فيه: ولا أظنه صحيحًا كما في بداية تفسيره.
وقال الحافظ عقب الرواية (مختصرة): هذا الإسناد يذكر به السدي أشياء كثيرة فيها غرابة وكان كثير منها متلقى من الإسرائيليات (البداية والنهاية ١/ ٤٤).
(٢) هذه أقوال واستنباطات لا تقوم بها حجة والله سبحانه يقول: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الكهف: ٥١] فلا حجة إلَّا بخير عن الصادق المصدوق - عليه السلام -.

<<  <  ج: ص:  >  >>