للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٤ - قال: فلو ترك الله الشمسين كما كان خلقهما في بدء الأمر لم يكن يُعرَف الليل من النهار، ولا النهار من الليل، وكان لا يدرِي الأجير إلى متى يعمل، ومتى يأخذ أجره. ولا يدري الصائم إلى متى يصوم، ولا تدري المرأة كيف تعتدّ، ولا يدري المسلمون متى وقت الحج، ولا يدري الدُّيّان متى تحلّ ديونهم، ولا يدري الناس متى ينصرفون لمعايشهم، ومتى يسكنون لراحة أجسادهم. وكان الربّ عزّ وجلّ أنظر لعباده وأرحم بهم، فأرسل جِبرئيل عليه السلام فأمرّ جناحه على وجه القمر - وهو يومئذ شمس - ثلاث مرات، فطمس عنه الضوءَ، وبقي فيه النور، فذلك قوله عزّ وجلّ: {وَجَعَلْنَا اللَّيلَ وَالنَّهَارَ آيَتَينِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً}. قال: فالسَّوَاد الذي ترونه في القمر شبه الخطوط فيه فهو أثرُ المحو. ثم خلق الله للشمس عجلة من ضوء نور العرش لها ثلاثمئة وستون عروة، ووكل بالشمس وعجلتها ثلاثمئة وستين ملكًا من الملائكة من أهل السماء الدنيا، قد تعلّق كلّ ملك منهم بعروة من تلك العُرَا، ووكلَ بالقمر وعجلته ثلاثمئة وستينَ ملكًا من الملائكة من أهل السماء، قد تعلق بكلّ عروة من تلك العُرَا مَلَك منهم.

ثم قال: وخلق الله لهما مشارق ومغارب في قُطْرَي الأرض وكنفِي السماء ثمانين ومئة عين في المغرب، طينة سوداء، فذلك قوله عز وجَلّ: {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَينٍ حَمِئَةٍ} إنما يعني حمأةً: سوداء من طين، وثمانين ومئة عين في المشرق مثل ذلك طينة سوداء تفور غَلْيًا كغلي القِدْر إذا ما اشتد غليُها. قال: فكلّ يوم [وكلّ] ليلة لها مطلعٌ جديد ومغرب جديد، ما بين أولها مطلعًا، وآخرها مغربًا أطول ما يكون النهار في الصيف إلى آخرها مطلعًا، وأولها مغربًا أقصر ما يكون النهار في الشتاء، فذلك قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقَينِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَينِ} يعني آخرها هاهنا وآخرها ثَمَّ، وترك ما بين ذلك من المشارق والمغارب، ثم جمعهما فقال: {بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}، فذكر عِدّة تلك العيون كلها.


= (الميزان / ٣٢١٥) وقال الحافظ السيوطي: موضوع في إسناده مجاهيل وضعفاء (اللآلي المصنوعة ١/ ٦٠).
والطبري نفسه ضعف هذا الخبر والذي قبله قائلًا: (ولكن في أسانيدهما نظر. فلم نستجز قطع القول بتصحيح ما فيهما) تأريخ الطبري (١/ ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>