للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-كما يزعم أهل التوراة- خمسة عشر ذراعًا، فباد ما على وجه الأرض من الخلق، [من] كلّ شيء فيه الروح أو شجر، فلم يبق شيء من الخلائق إلا نوحٌ ومن معه في الفلك، وإلّا عوج بن عنق - فيما يزعم أهل الكتاب - فكان بين أن أرسل الله الطوفان وبين أن غاض الماء ستة أشهر وعشر ليال (١). (١: ١٨٤/ ١٨٥).

٢٧٣ - حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرني هشام، قال: أخبرني أبي عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: أرسل الله المطر أربعين يومًا وأربعين ليلة، فأقبلت الوحوش حين أصابها المطر والدوابّ والطير كلُّها إلى نوح، وسُخّرت له، فحمل منها كما أمره الله عزّ وجل: {مِنْ كُلٍّ زَوْجَينِ اثْنَينِ}، وحمل معه جسد آدم، فجعله حاجزًا بين النساء والرجال، فركبوا فيها لعشر ليال مضينَ من رجب، وخرجوا منها يوم عاشوراء من المحرّم، فلذلك صام مَنْ صام يوم عاشوراء. وأخرج الماء نصفين، فذلك قول الله عزّ وجلّ {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ} يقول: منصبّ، {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} يقول: شققنا الأرض، {فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} فصار الماء نصفين: نصف من السماء ونصف من الأرض، وارتفع الماء على أطول جبل في الأرض خمسة عشر ذراعًا، فسارت بهم السفينة، فطافت بهم الأرض كلَّها في ستة أشهر لا تستقرُّ على شيء، حتى أتت الحرَم فلم تدخله، ودارت بالحرم أسبوعًا، ورُفع البيت الذي بناه آدم - عليه السلام -؛ رفع من الغرق، - وهو البيت المعمور والحجر الأسود - على أبي قَبيس، فلما دارت بالحرم ذهبت في الأرض تسير بهم، حتى انتهت إلى الجوديّ -وهو جبل بالحضيض من أرض الموصل- فاستقرّت بعد ستة أشهر لتمام السبع، فقيل بعد السبعة الأشهر: {بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} فلما استقرّت على الجوديّ {وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ}؛ يقول: أنشفي مائك الذي خرج منك، {وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي}؛ يقول: احبسي ماءك، {وَغِيضَ الْمَاءُ} نشّفته الأرض، فصار ما نزل من السماء هذه البحور التي ترون في الأرض، فآخر ما بقي من الطوفان في الأرض ماءٌ بحِسْمَى بقي في الأرض أربعين


(١) ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>