للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما ذكرته في هذا الموضع لما ذكرت فيه من قول من قال: إنه نوح، وإن قصته شبيهة بقصة نوح في أولاد له ثلاثة، وعدله وحسن سيرته، وهلاك الضحاك على يده. وأنه قيل: إن هلاك الضحاك كان على يد نوح وأنّ نوحًا إنما كان أرسل - في قول من ذكرت عنه أنه قال: كان هلاك الضحاك على يدي نوح - حين أرسل إلى قومه، وهم كانوا قومَ الضحاك.

فأما الفرس فإنهم ينسبُونه النسبة التي أنا ذاكرها؛ وذلك أنهم يزعمون: أن أفريدون من ولد جم شاذ الملك الذي قتله الازدهادق، على ما قد بَيَّنا من أمره قبلُ، وأن بينه وبين جم عَشَرة آباء (١). (١: ٢١١/ ٢١٢).

٣٣٥ - وقد حُدِّثت عن هشام بن محمد بن السائب، قال: بلغنا: أن أفريدون - وهو من نسل جم الملك الذي كان من قبل الضحاك، قال: ويزعمون أنَّه التاسع من ولَده، وكان مولده بدُنْباوند - خرج حتى ورد منزلَ الضحاك، فأخذه وأوثقه، وملك مئتي سنة، وردّ المظالم، وأمرَ الناس بعبادة الله والإنصاف والإحسان، ونظر إلى ما كان الضحاك غَصَب الناس من الأرضين وغيرها، فردَّ ذلك كلَّه على أهله، إلا ما لم يجد له أهلًا، فإنه وقَفه على المساكين والعامة. قال: ويقال: إنه أوّل مَنْ سمى الصوافي، وأولُ من نظر في الطبّ والنجوم، وإنه كان له ثلاثة بنين: اسم الأكبر سَلم، والثاني طوج، والثالث إيرج، وأن أفريدُون تخوّف ألا يتفق بنوه، وأن يبغيَ بعضُهم على بعض، فمسَّم ملكه بينهم ثلاثًا، وجعل ذلك في سهامٍ كتب أسماءهم عليها، وأمرَ كلَّ واحد منهم فأخذ سهمًا، فصارت الروم وناحية المغرب لسلْم، وصارت الترك والصين لطوج، وصارت للثالث - وهو إيرج - العراق والهند، فدفع التاج والسرير إليه، ومات أفريدُون فوثب بإيرَج أخواه فقتلاه، وملكا الأرض بينهما ثلاثمئة سنة.

قال: والفرس تزعُم: أنّ لأفريدون عشرَة آباء، كلهم يسمى أثفيان باسم واحد. قالوا: وإنما فعلوا ذلك خوفًا من الضحّاك على أولادهم، لرواية كانت عندهم، بأنَّ بعضهم يغلب الضحاك على ملكه، ويُدرك منه ثأر جم، وكانوا يعرَفون ويميّزون بألقاب لقِّبوها، فكان يقال للواحد منهم: أثفيان صاحب البقر


(١) ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>