للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وقال تعالى: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إلا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠) إِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذَا سَوَّيتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إلا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٧٤) قَال يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (٧٥) قَال أَنَا خَيرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قَال فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قَال رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قَال فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١) قَال فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْويَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) قَال فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦) إِنْ هُوَ إلا ذِكْرٌ لِلْعَالمِينَ (٨٧) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص: ٦٧ - ٨٨].
فهذا ذكر هذه القصة من مواضع متفرقة من القرآن، وقد تكلمنا على ذلك كله في التفسير، ولنذكر ها هنا مضمون لما دلت عليه هذه الآيات الكريمات، وما يتعلق بها من الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والله المستعان. فأخبر تعالى أنه خاطب الملائكة قائلًا لهم: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} أعلم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضًا كما قال: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ}، وقال تعالى: {وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ}، فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته، كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه، فقالت الملائكة سائلين على وجه الاستكشاف والاستعلام عن وجه الحكمة، لا على وجه الاعتراض والتنقيص لبني آدم والحسد لهم، كما قد يتوهمه بعض جهلة المفسرين، قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} أي: نعبدك دائمًا لا يعصيك منا أحد، فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدوك، فها نحن أولاء لا نفتر ليلًا ولا نهارًا. {قَال إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هؤلاء ما لا تعلمون، أي سيوجد منهم الأنبياء والمرسلون والصديقون والشهداء والصالحون.
ثم بيَّن لهم شرف آدم عليهم في العلم، فقال: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}. قال ابن عباس: هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس: إنسان، ودابة، وأرض، وسهل، وبحر، وجبل، وجمل، وحمار ... وأشباه ذلك من الأمم وغيرها.
وقال مجاهد: علَّمه اسم الصحفة، والقدر، حتى الفسوة والفسية. وقال مجاهد: علَّمه اسم كل دابة، وكل طير وكل شيء. وكذا قال سعيد بن جبير وقتادة وغير واحد. وقال الربيع: علَّمه أسماء الملائكة. وقال عبد الرحمن بن زيد: علمه أسماء ذريته. والصحيح: أنه علَّمه أسماء الذوات وأفعالها مكبّرها ومصغّرها، كما أشار إليه ابن عباس - رضي الله عنهما -.
وذكر البخاري هنا ما رواه هو ومسلم من طريق سعيد وهشام، عن قتادة، عن أنس بن =

<<  <  ج: ص:  >  >>