للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض، ليس في الأرض أحد يعبُدك غيري، حسبي الله ونعم الوكيل! فقذفوه في النار، فناداها فقال: {يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩)}. وكان جَبْرئيل هو الذي ناداها. وقال ابن عباس: لو لم يتبع بردها سلامًا لمات إبراهيم من بردها، فلم تبق يومئذ نار في الأرض إلا طفِئَتْ، ظنت أنها تُعنى، فلما طفئت النار نظروا إلى إبراهيم فإذا هو ورجل آخر معه، وإذا رأس إبراهيم في حجْره يمسح عن وجهه العرق، وذكر أن ذلك الرجل ملك الظلّ، وأنزل الله نارًا وانتفع بها بنو آدم، فأخرجوا إبراهيم، فأدخلوه على الملك، ولم يكن قبل ذلك دخل عليه (١). (١: ٢٤١/ ٢٤٢).

ثم رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق.

٣٥٧ - قال: وبعَث الله عزّ وجلّ ملك الظلّ في صورة إبراهيم، فقعد فيها إلى جنبه يؤنسه، فمكث نُمرود أيامًا لا يشكّ إلا أن النار قد أكلت إبراهيم وفرغت منه، ثم ركب فمرّ بها وهي تحرق ما جمعوا لها من الحطب، فنظر إليها، فرأى إبراهيم جالسًا فيها إلى جنبه رجلٌ مثله، فرجع من مركبه ذلك، فقال لقومه: لقد رأيتُ إبراهيم حيًّا في النار، ولقد شُبِّه عليّ، ابنُوا لي صَرْحًا يشرِف بي على النار حتى أستثبت، فبنوْا له صَرْحًا، فأشرف عليه فاطّلع منه إلى النار، فرأى إبراهيم جالسًا فيها، ورأى الملك قاعدًا إلى جنبه في مثل صورته، فناداه نمرودُ: يا إبراهيم! كبيرٌ إلهك الذي بلغْت قدرتُه وعزته أن حال بين ما أرى وبينك، حتى لم تضرّك يا إبراهيم، هل تستطيع أن تخرج منها؟ قال: نعم، قال: هل تخشى إن أقمت فيها أن تضرّك؟ قال: لا، قال: فقم واخرج منها، فقام إبراهيم يمشي فيها حتى خرج منها، فلما خرج إليه قال: يا إبراهيم! مَن الرجلُ الذي رأيتُ معك في مثل صورتك قاعدًا إلى جنبك؟ قال: ذلك مَلك الظل، أرسله إليّ ربي ليكون معي فيها ليؤنسني، وجعلها عليّ بردًا وسلامًا. فقال نمرود - فيما حدثت -: يا إبراهيم! إني مقرّب إلى إلهك قربانًا لما رأيت من عزَّته وقدرته،


(١) شيخ الطبري لم نجد له ترجمة وقد رواه مرسلًا، وأما عبارة: (اللهم أنت الواحد في السماء وأنا الواحد في الأرض ليس في الأرض أحد يعبدك غيري) فكذلك أخرجه أبو يعلى ولفظه: (لما ألقي إبراهيم في النار قال: اللهم إنك في السماء واحد وأنا في الأرض واحد أعبدك).
وفي إسناده أبو هشام الرفاعي قال البخاري: رأيتهم مجتمعين على ضعفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>