ابن إسحاق، قال: قبض الله يوسف، وهلَك الملك الذي كان معه الريان بن الوليد، وتوارثت الفراعنة من العماليق ملْك مصر، فنشر الله بها بني إسرائيل، وقبر يوسف حين قبض -كما ذكر لي- في صندوق من مرمر في ناحية من النيل في جوف الماء، فلم يزل بنو إسرائيل تحت أيدي الفراعنة وهم على بقايا من دينهم مما كان يوسف ويعقوب وإسحاق وإبراهيم شرعوا فيهم من الإسلام، متمسِّكين به؛ حتى كان فرعون موسى الذي بعثه الله إليه، ولم يكن منهم فرعون أعتى منه على الله ولا أعظم قولًا ولا أطول عمرًا في ملكه منه. وكان اسمه -فيما ذكروا لي- الوليد بن مصعب، ولم يكن من الفراعنة فرعون أشدّ غلظة، ولا أقسى قلبًا، ولا أسوأ ملكة لبني إسرائيل منه، يعذّبهم فيجعلهم خدَمًا وخوَلًا، وصنَّفهم في أعماله، فصنف يبنون، وصنف يحرثون، وصنف يزرعون له، فهم في أعماله، ومَنْ لم يكن منهم في صنعة له من عمله فعليه الجزية، فسامهم كما قال الله:{سُوءُ الْعَذَابِ}، وفيهم مع ذلك بقايا من أمر دينهم لا يريدون فراقه، وقد استنكح منهم امرأة يقال لها آسية ابنة مزاحم، من خيار النساء المعدودات، فعمِّر فيهم وهم تحت يديه عمرًا طويلًا يسومهم سوء العذاب، فلما أراد الله أن يفرج عنهم وبلغ موسى الأشُدّ أعطي الرسالة.
قال: وذكر لي: أنه لما تقارب زمان موسى أتى منجمو فرعون وحُزاته إليه، فقالوا: تعلَّم أنا نجد في علمنا: أن مولودًا من بني إسرائيل قد أظلَّك زمانه الذي يُولد فيه، يسلبك ملكك، ويغلبك على سلطانك، ويخرجك من أرضك، ويبدِّل دينك. فلما قالوا له ذلك أمر بقتل كلِّ مولود يولد من بني إسرائيل من الغِلمان، وأمر بالنساء يُسْتَحيَين، فجمع القوابل من نساء أهل مملكته فقال لهن: لا يسقطنَّ على أيديكنّ غلام من بني إسرائيل إلا قتلتموه، فكنّ يفعلن ذلك، وكان يذبح من فوق ذلك من الغلمان، ويأمر بالحبالى فيعذَّبن حتى يطرحن ما في بطونهنّ (١). (١: ٣٨٦/ ٣٩٧).
٦٤٦ - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نَجيح، عن مجاهد، قال: لقد ذُكر لي: أنه كان يأمر بالقصب