وأضع له جمرًا، فإن أخذ الياقوت فهو يعقل فاذبحه، وإن أخذ الجمر فإنما هو صبيّ، فأخرجت له ياقوتها فوضعت له طستًا من جمر، فجاء جبرئيل فطرح في يده جمرة فطرحها موسى في فيه فأحرق لسانه، فهو الذي يقول الله عزّ وجلّ: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي}. فزالت عن موسى من أجل ذلك. وكبر موسى فكان يركب مراكب فرعون، ويلبس [مثل] ما يلبس، وكان إنما يدعى موسى بن فرعون. ثم إن فرْعون ركب مركبًا وليس عنده موسى، فلما جاء موسى قيل له: إن فرعون قد ركب، فركب في أثره فأدركه المقيل بأرض يقال لها مَنْف، فدخلها نصف النهار، وقد تغلَّقت أسواقُها، وليس في طرقها أحد، وهو قول الله عزّ وجلّ:{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَينِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ} يقول: هذا من بني إسرائيل، {وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} يقول: من القبط {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيهِ قَال هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥) قَال رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٦) قَال رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (١٧) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} خائفًا أن يؤخذ، {فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ} يقول: يستغيثه {قَال لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَويٌّ مُبِينٌ}. ثم أقبل [موسى] لينصره. فلما نظر إلى موسى قد أقبل نحوه ليبطش بالرجل الذي يقاتل الإسرائيلي، قال الإسرائيلي -وفرق من موسى أن يبطش به من أجل أنه أغلظ الكلام: يا موسى {أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ}.فتركه وذهب القبطيّ، فأفشى عليه أن موسى هو الذي قتل الرجل، فطلبه فرعون وقال: خذوه فإنه صاحبنا، وقال للذين يطلبونه: اطلبوه في بُنيَّات الطريق، فإن موسى غلام لا يهتدي إلى الطريق، وأخذ موسى في بُنيَّات الطريق وجاءه الرجل وأخبره {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَال رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}. فلما أخذ موسى في بُنيَّات الطريق جاءه ملك على فرس بيده عنَزةٌ، فلما رآه موسى سجد له من الفرق، فقال: لا تسجد لي، ولكن اتبعني، فاتبعه فهداه نحو مدين، وقال موسى وهو متوجه نحو مدين:{عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ}، فانطلق به الملك حتى انتهى به إلى