ويعقوب، فلما وجَد ذلك فيما يقرأ من الكتب، قال: يا ربّ أري الخير كلّه قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي، فأعطني مثلَ ما أعطيتَهم، وافعل بي مثلَ ما فعلت بهم. قال: فأوحي الله إليه أنّ آباءك ابتُلوا ببلايا لم تبتَل بها، ابتِليَ إبراهيمُ بذبح ابنه، وابتليَ إسحاق بذهاب بَصره، وابتُليَ يعقوب بحزنه علي ابنه يوسف، وإنك لم تبتلَ من ذلك بشيء. قال: يا ربّ ابتلِني بمثل ما ابتليتَهم به، وأعطني مثل ما أعطيتَهم. قال: فأوحي إليه إنك مبتلَي فاحترس. قال: فمكث بعد ذلك ما شاء الله أن يمكُث إذ جاءه الشيطان قد تمثّل في صورة حمامة من ذهب، حتى وقع عند رجلَيه وهو قائم يصلّي، قال: فمدّ يده ليأخذه فتنحّي فتبِعه، فتباعَد حتى وقع في كُوّة، فذهب ليأخذه، فطار من الكُوّة، فنظر: أين يقع فيبعث في أثره، قال: فأبصر امرأة تغتسل علي سطح لها، فرأي امرأة من أجمل النساء خلْقًا، فحانت منها التفاتة فأبصرته، فألقَت شعرها فاستترت به، قال: فزاده ذلك فيها رغبة، قال: فسأل عنها فأخبِر أن لها زوجًا، وأن زوجها غائب بمسلَحة كذا وكذا، قال: فبعث إلي صاحب المسلحة يأمره أن يبعث أهريا إلي عدوّ كذا وكذا. قال: فبعثه ففتِح له، قال: وكتب إليه بذلك، فكتب إليه أيضًا: أن ابعثه إلي عدوّ كذا وكذا، أشدّ منهم بأسًا. قال: فبعثه ففتِح له أيضًا، قال: فكتب إلي داود بذلك، قال: فكتب إليه أن ابعثه إلي عدوّ كذا وكذا. قال: فبعثه، قال: فقتل المرّة الثالثة، قال! وتزوّج داود امرأته، فلما دخلتْ عليه لم تلبث عنده إلا يسيرًا حتى بعث الله مَلَكَين في صورة إنسيّين فطلبا أن يدخلا عليه، فوجداه في يوم عبادته، فمنعهما الحرسُ أن يدخُلا عليه، فتسوّرا عليه المِحْراب، قال: فما شَعُر وهو يصلّي إذا هو بهما بين يَديه جالسَين، قال: ففزع منهما، فقالا: لَا تَخفْ، إنما نَحْنُ {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَينَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ} يقول: لا تحِفْ، {وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ} إلي عدل القضاء. قال: قُصَّا عليّ قصّتكما، قال: فقال أحدهما: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} فهو يريد أن يأخذ نعجتي، فيكمِّل بها نعاجَه مئة، قال: فقال للآخر: ما تقول؟ فقال: إن لي تسعًا وتسعين نعجة، ولأخي هذا نعجة واحدة، فأنا أريد أن آخذها منه، فأكمّل بها نعاجي مئة، قال: وهو كاره؟ قال: وهو كاره، قال: إذًا لا نَدعك وذاك، قال: ما أنت علي ذلك بقادر! قال: فإن ذهبت تَرُوم ذلك أو تريد ذلك، ضربنا منك هذا وهذا -وفسَّر أسباط طَرف الأنف والجبهة- فقال: