للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله علي داود ثابتْ إليه ثائبة من الناس، فحارب ابنَه حتى هزمه، ووجَّه في طلبه قائدًا من قواده، وتقَدّم إليه أن يتوقي حَتْفهُ، ويتلطّف لأسره، فطلبه القائد وهو منهزم، فاضطره إلي شجرة فركض فيها -وكان ذا جُمّة- فتعلّق بعض أغصان الشجرة بشعره فحبسه، ولحقه القائد فقتله مخالفًا لأمر داود، فحزِن داود عليه حزنًا شديدًا، وتنكّر للقائد، وأصاب بني إسرائيل في زمانه طاعون جارف، فخرج بهم إلي موضع بيت المقدس يدعون الله ويسألونه كشفَ ذلك البلاء عنهم، فاستجيب لهم، فاتخذوا ذلك الموضع مسجدًا، وكان ذلك -فيما قيل- لإحدي عشرة سنة مضت من ملكه. وتوفي قبل أن يستتِم بناءه، فأوصي إلي سليمان باستتمامه، وقتْلِ القائد الذي قتل أخاه، فلما دفنه سليمانُ نفذ لأمره في القائد وقتله، واستتمّ بناء المسجد (١). (١: ٤٨٤).

٧٤٨ - وقيل في بناء داود ذلك المسجد ما حدثنا محمد بن سهل بن عسكر، قال: حدثني إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدثني عبد الصمد بن معقل: أنه سمع وهب بن منبِّه يقول: إن داودَ أراد أن يعلَم عدد بني إسرائيل كم هم؟ فبعث لذلك عُرَفاء ونقباء، وأمرهم أن يرفعوا إليه ما بلَغ عددُهم، فعتب الله عليه ذلك، وقال: قد علمت أني وعدتُ إبراهيم أن أبارك فيه وفي ذريته حتى أجعلَهم كعدد نجوم السماء، وأجعلَهم لا يحصَي عددُهم، فأردتَ أن تعلَم عدد ما قلت: إنه لا يحصَي عددُهم، فاختاروا بين أن أبتليَكم بالجوع ثلاث سنين، أو أسلِّط عليكم العدوِّ ثلاثة أشهر، أو الموت ثلاثة أيام! فاستشار داودُ في ذلك بني إسرائيل فقالوا: ما لنا بالجوع ثلاث سنين صَبْر، ولا بالعدوّ ثلاثَة أشهر، فليس لهم بقيّة، فإن كان لا بدَّ فالموت بيده لا بيد غيره. فذكر وهب بن منبّه أنه مات منهم في ساعة من نهار ألوف كبيرة، لا يدرَي ما عددهم، فلما رأي ذلك داود، شَقَّ عليه ما بلَغه من كثرة الموت، فتبتَّل إلي الله ودعاه فقال: يا ربّ، أنا آكلُ الحُمّاض وبنو إسرائيل يَضْرَسون! أنا طلبتُ ذلك فأمرتُ به بني إسرائيل، فما كان من شيء فبي واعفُ عن بني إسرائيل. فاستجاب الله له ورفع عنهم الموت، فرأي داود الملائكة سالِّين سيوفَهم يغمدونها، يرتقون في سلَّم من ذهب من الصخرة إلي السماء، فقال داود: هذا مكان ينبغي أن يُبني فيه مسجد، فأراد


(١) ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>