للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله. قال إرميا: يا ملِك السموات والأرض؛ إن كانوا على حقٍّ وصواب فأبقهم، وإن كانوا على سخطك وعمل لا ترضاه فأهلِكْهم.

فلمّا خرجت الكلمة من فِي إرميا أرسل الله عزّ وجلّ صاعقةً من السماء في بيت المقدس فالتهب مكان القربان، وخُسِف بسبعة أبواب من أبوابها. فلما رأى ذلك إرميا صاح وشقّ ثيابه، ونبذ التراب على رأسه، وقال: يا ملِك السماء ويا أرحم الراحمين، أين ميعادُك الذي وعدتني! فُنودي: يا إرميا؛ إنه لم يصبْهم الذي أصابهم إلا بفُتياك التي أفتيت بها رسولَنا. فاستيقن النبيّ أنها فُتياه التي أفتى بها ثلاث مرات، وأنه رسولُ ربّه.

وطار إرميا حتى خالط الوحوش، ودخل بُختنصّر وجنودُه بيت المقدس، فوطئ الشأم، وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم، وخرّب بيت المقدس؛ ثم أمر جنودَه أن يملأ كلُّ رجل منهم تُرسه ترابًا ثم يقذفه في بيت المقدس، فقذفوا فيه التراب حتى ملؤوه. ثم انصرف راجعًا إلى أرض بابل، واحتمل معه سَبايا بني إسرائيل، وأمرهم أن يجمعوا مَنْ كان في بيت المقدس كلّهم، فاجتمع عنده كلُّ صغير وكبير من بني إسرائيل، فاختار منهم مئة ألف صبيّ، فلما خرجت غنائم جنده، وأراد أن يقسمها فيهم، قالت له الملوك الذين كانوا معه: أيها الملك، لك غنائمنا كلُّها واقسِم بيننا هؤلاء الصبيان الذين اخترتهم من بني إسرائيل. ففعل فأصاب كلَّ رجل منهم أربعة غلمة - وكان من أولئك الغلمان: دانيال، وحنانيا، وعزاريا، وميشايل - وسبعة آلاف من أهل بيت داود، وأحد عشر ألفًا من سِبْط يوسف بن يعقوب وأخيه بنيامين، وثمانية آلاف من سِبط أشر بن يعقوب، وأربعة عشر ألفًا من سبط زبالون بن يعقوب، ونفثالي بن يعقوب وأربعة آلاف من سبط روبيل ولاوى ابني يعقوب، وأربعة آلاف من سبط يهوذا بن يعقوب ومن بقيَ من بني إسرائيل. وجعلهم بختنصّر ثلاث فرق؛ فثلثًا أقرّ بالشام، وثلثًا سبي، وثلثًا قتل. وذهب بآنية بيت المقدس حتى أقدَمها بابل، وذهب بالصبيان السبعين الألف حتى أقدمهم بابل؛ وكانت هذه الوقعة الأولى التي أنزلها الله ببني إسرائيل بإحداثهم وظلمهم.

فلما ولى بختنصّر عنهم راجعًا إلى بابل بمن معه من سبايا بني إسرائيل أقبل إرميا على حمار له معه عصير من عنب في رَكْوة وسلّة تين، حتى غشي إيلياء فلما

<<  <  ج: ص:  >  >>