للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وهو النّعمان بن المنذر بن النعمان بن المنذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر. ذلك الملك في نسب أهل اليمن وعلمهم (١).

٨٢٢ - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة عن ابن إسحاق، قال: ولما قال سَطِيح، وشِقّ لربيعة بن نصر ذلك، وصنع ربيعة بولده وأهل بيته ما صنع، ذهب ذكر ذلك في العرب، وتحدّثوا حتى فشا ذكره وعلمه فيهم، فلما نزلت الحبشة اليمن، ووقع الأمر الذي كانوا يتحدّثون به من أمر الكاهنين، قال الأعشى، أعشى بني قيس بن ثعلبة البكريّ، في بعض ما يقول، وهو يذكر ما وقع من أمر ذينك الكاهنين: سطيح، وشِقّ:

ما نَظَرَتْ ذاتُ أشْفارٍ كنظْرتِها ... حقًّا كما نَطَقَ الذِّئبيُّ إذْ سَجَعا

وكان سَطِيح إنما يدعوه العرب الذئبيّ، لأنّه من ولد ذئب بن عديّ. فلما هلك ربيعة بن نصر، واجتمع مُلك اليمن إلى حسّان بن تُبّان أسعد أبي كرب بن مَلِكْيكَرِب بن زيد بن عمرو ذي الأذعار، كان ممّا هاج أمر الحبشة وتحوّل الملك عن حِمْير وانقطاع مدّة سلطانهم -ولكلّ أمر سبب-: أنّ حسان بن تُبّان أسعد أبي كرب، سار بأهل اليمن يريد أن يطأ بهم أرضَ العرب وأرض العجم، كما كانت التبابعة قبْله تفعل؛ حتى إذا كان ببعض أرض العراق، كرِهت حِمْير وقبائل اليمن السير معه، وأرادوا الرّجعة إلى بلادهم وأهليهم؛ فكلّموا أخًا له كان معه في جيشه، يقال له: عمرو، فقالوا له: اقتل أخاك حسان؛ نملّكك علينا مكانه، وترجع بنا إلى بلادنا. فتابعهم على ذلك، فأجمع أخوه ومن معه من حِمْير وقبائل اليمن على قَتْل حَسّان، إلّا ما كان من ذي رُعَين الحميَريّ، فإنّه نهاه عن ذلك، وقال له: إنكم أهل بيت مملكتنا، لا تقتل أخاك ولا تشتِّت أمر أهل بيتك -أو كما قال له- فلما لم يقبل منه قوله -وكان ذو رُعَين شريفًا من حميَر- عَمَد إلى صحيفة فكتب فيها:

ألا مَن يشتَري سَهرًا بِنَوْمٍ ... سعيدٌ مَن يَبيتُ قَريرَ عَينِ

فإمَّا حِمْيَرٌ غَدَرتْ وخَانَتْ ... فمعْذِرَةُ الإلهِ لذِي رُعَينِ


(١) الخبر في سيرة ابن هشام (١/ ١٩) والبداية والنهاية (٢/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>