القرشيّ، قال: حدَّثنا الزنجيّ بن خالد عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: لمّا خرج عبد المطّلب بعبد الله ليزوِّجه؛ مرّ به على كاهنة من خَثْعم، يقال لها فاطمة بنت مُرّ، متهوّدة من أهل تَبالة، قد قرأت الكتب، فرأت في وجهه نورًا، فقالت له: يا فتى! هل لك أن تقع عليّ الآن وأعطيك مئة من الإبل؟ ! فقال:
أَمَّا الحَرامُ فالممات دُونَه ... والحِلّ لا حِلّ فأستبينَهْ
فكيف بالأَمر الذي تبغينَهْ
ثم قال: أنا مع أبي ولا أقدر أن أفارِقه، فمضى به، فزوّجه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، فأقام عندها ثلاثًا ثم انصرف، فمرّ بالخثعميّة فدعته نفسه إلى ما دعته إليه، فقال لها: هلْ لك فيما كنتِ أردتِ؟ ! فقالت: يا فتى! إني والله ما أنا بصاحبة ريبة، ولكنّي رأيتُ في وجهك نورًا فأردتُ أن يكون فيَّ، وأبي الله إلَّا أن يجعله حيث أراد، فما صنعتَ بعدي؟ قال: زوّجني أبي آمنة بنت وهب، فأقمت عندها ثلاثًا؛ فأنشأت فاطمة بنت مُرّ تقول:
إني رأيتُ مخيلَةً لَمَعَتْ ... فتلأْلأتْ بحَناتِم القَطْرِ
فَلمَأْتُها نورًا يُضِيءُ له ... ما حَوْلَهُ كإضَاءةِ الْبَدْر
فرَجوتُها فَخْرًا أبوءُ به ... ما كلُّ قادِح زَندِهِ يُورِي
للهِ ما زُهْرِيَّةٌ سَلَبَتْ ... ثَوْبَيكَ مَا اسْتَلَبَتْ وما تَدْرِي!
وقالت أيضًا:
بَنِي هاشِمٍ قد غَادَرَتْ مِنْ أخيكمُ ... أمينةُ إذ لِلباه تَعترِكانِ
كما غَادَرَ المِصْباحُ عند خُموده ... فتَائِلَ قد مِيثت له بِدهانِ
وما كل مَا يَحْوي الفتَى مِن تِلادِهِ ... لعَزْمٍ ولا مَا فاتهُ لِتَوانِ
فأجْمِلْ إذَا طَالبْتَ أَمْرًا فإنه ... سيَكفِيكَهُ جَدَّانِ يَعْتَلِجان
سَيَكِفيكَهُ إِمَّا يدٌ مُقْفَعِلَّةٌ ... وإمَّا يدٌ مَبسُوطَةٌ ببِنانِ
ولمَّا حَوَتْ منْه أمينَةُ ما حَوَتْ ... حَوَتْ منْهُ فَخْرًا ما لذِلِك ثان
حدّثني الحارث بن محمد، قال: حدَّثنا محمَّد بن سعد، قال: حدَّثنا محمَّد بن عمر، قال: حدَّثنا معمر وغيره، عن الزهريّ: أن عبد الله بن عبد المطّلب كان أجملَ رجال قريش، فذكر لآمنة بنت وهب جمالُه وهيئته،