للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحبَكم مَخْرَمة بن نوفل؛ وإنَّما نفرتم لتمنعوه وماله، فاجعلوا بي جُبْنَها وارجعوا، فإنه لا حاجةَ بكم في أن تخرجوا في غير ضَيعَة؛ لا ما يقول هذا -يعني أبا جهل- فرجعوا؛ فلم يشهدْها زهريٌّ واحدٌ؛ وكان فيهم مطاعًا. ولم يكن بقي من قريش بطن إلَّا نَفر منهم ناس، إلَّا بني عديّ بن كعب، لم يخرج منهم رجلٌ واحدٌ، فرجعت بنو زُهرة مع الأخنس بن شَرِيق، فلم يشهد بدرًا من هاتَين القبيلَتين أحدٌ. ومضى القوم.

قال: وقد كان بين طالب بن أبي طالب - وكان في القوم - وبين بعض قريش مُحَاورة، فقالوا: والله لقد عَرَفْنا يا بني هاشم -وإنْ خرجتم معنا- أن هواكم مع محمد. فرجع طالب إلى مكة فيمن رجع.

قال أبو جعفر: وأما ابن الكلبيّ؛ فإنه قال فيما حُدِّثتُ عنه: شَخَص طَالبُ بن أبي طالب إلى بدر مع المشركين، أخرِج كرهًا. فلم يوجَدْ في الأسْرَى ولا في القتلى، ولم يرجع إلى أهله، وكان شاعرًا؛ وهو الذي يقول:

يَا رَبِّ إمَّا يَغْزُوَنَّ طَالِبْ ... في مِقْنَبٍ من هذِهِ المَقَانِبْ

فَلْيَكُنِ الْمَسْلُوبَ غَيرَ السَّالِبْ ... وَلْيَكُنِ المَغْلُوبَ غَيرَ الغِالِبْ

رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق. قال: ومضت قريش حتى نزلوا بالعُدْوَة القُصْوَى من الوادي، خلف العَقَنْقَل، وبطن الوادي وهو يَلْيَل، بين بدر وبين العَقَنْقل؛ الكثيب الذي خلفه قريش، والقُلُب ببدر في العُدْوة الدنيا من بطن يَلْيَل إلى المدينة، وبعث الله السماء، وكان الوادي دَهْسًا، فأصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه منها ما لبَّدَ لهم الأرض؛ ولم يمنعهم المسير، وأصاب قريشًا منها ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه؛ فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُبادِروهم إلى الماء حتى إذا جاء أدنى ماء من بدر نزل به (١). (٢: ٤٣٧/ ٤٣٨ / ٤٣٩).


(١) ذكر الطبري هذه الرواية مبدوءًا بقوله (قالوا)، وفي سيرة ابن هشام جاءت هذه الرواية من قول ابن إسحاق معلقًا (٢/ ٣٠٩) وأما إشارة أبي جهل على قريش أن يردوا بدرًا (والله لا نرجع حتى نرد بدرًا) فكذلك أخرجه ابن هشام عن ابن إسحاق معلقًا (السيرة النبوية ٢/ ٣١٠) وأما نصيحة الأخنس لقومه بالرجوع وسماع بني زهرة لقوله فلم نجد رواية صحيحة الإسناد تؤيد ذلك.
وأخرجه ابن هشام عن ابن إسحاق معلقًا (٢/ ٣١١) والله أعلم. وأما ما جاء في آخر الرواية =

<<  <  ج: ص:  >  >>