ولا ولد؛ فما يصنع بالحياة! فأتى ثابت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، أهلُه وولده، قال: هم لك، فأتاه فقال: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد أعطاني امرأتك وولدك فهم لك. قال: أهلُ بيت بالحجاز لا مال لهم، فما بقاؤهم! فأتى ثابتٌ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ماله! قال: هو لك، فأتاه فقال: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاني مالك فهو لك، قال: أي ثابت! ما فعل الذي كأن وَجْهَهُ مِرْآة صينيَّة تتراءى فيها عذارَى الحيّ؛ كعب بن أسد؟ قال: قُتل، قال: فما فعل سيّد الحاضر والبادي؛ حُيَيّ بن أخطب؟ قال: قُتل، قال: فما فعل مقدّمتُنا إذا شددْنا، وحاميتُنا إذا كررنا؛ عزَّال بن شمويل؟ قال: قُتل، قال: فما فعل المجلسان -يعني: بني كعب بن قريظهَ وبني عمرو بن قريظة- قال: ذَهَبُوا، قُتِلوا. قال: فإنّي أسألك بيدي عندك يا ثابت إلَّا ألحقْتَني بالقوم؛ فوالله ما في العيش بعد هؤلاء مِن خير، فما أنا بصابر لله قَبْلة دَلْو نَضَح حتى ألقَى الأحبة! فقدَّمه ثابت فضرب عنقه؛ فلما بلغ أبا بكر قوله:"ألقى الأحبة" قال: يلقاهم والله في نار جهنَّم خالدًا فيها مُخَلَّدًا أبدًا. فقال ثابت بن قيس بن الشماس في ذلك، يذكر الزَّبير بن باطا:
وَفَتْ ذِمّتي أنِّي كريمٌ وأنني ... صبُورٌ إذا ما القومُ حَادُوا عن الصَّبر
وكان زَبِيرٌ أعظم النَّاس مِنَّةً ... عَلَيَّ فلمَّا شُدَّ كُوعاهُ بالأسْر
أتيتُ رسولَ الله كَيما أَفُكَّهُ ... وكان رسولُ الله بَحْرًا لنا يَجْرِي
قال: وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر بقتل مَنْ أنبت منهم (١). (٢: ٥٨٩/ ٥٩٠ / ٥٩١).
٢٢٩ - فحدَّثنا ابنُ حُميد، قال: حدَّثنا سلَمة، قال: حدَّثني محمد بن إسحاق عن أيوب بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صَعْصعة، أخي بني عديّ بن النَّجار: أن سَلْمى بنت قيس أمّ المنذر أخت سَلِيط بن قيس -وكانت إحدى خالات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قد صَلَّتْ معه القبلتين، وبايعَتْه بيعة النساء - سألَتْه رفاعةَ بن شمويل القرظيّ- وكان رجلًا قد بلغ ولاذَ بها، وكان يعرفهم
(١) إسناده مرسل ضعيف، وقصة الرجل اليهودي مع ثابت بن قيس رواه الطبراني. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط: وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف (٦/ ١٤٢) وأخرجه البيهقي من طريق موسى بن عقبة عن الزهري كذلك مرسلًا (دلائل النبوة ٤/ ٢٠) والله أعلم.