للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما بعد وضع السلاح إلا الإسار، ثمّ ما بعد الإسار إلا ضرب الأعناق؛ والله لا أضع سلاحي أبدًا. قال: فأخذه رجال من قومه، فقالوا: يا جحدم؛ أتريد أن تسفِك دماءنا! إنَّ الناس قد أسلموا، ووضعت الحرب، وأمِن الناس؛ فلم يزالوا به حتى نزعوا سلاحه، ووضع القوم السلاح لقول خالد؛ فلما وضعوه أمر بهم خالد عند ذلك فكُتِفُوا، ثم عرضهم على السيف، فقتل مَنْ قَتَل منهم. فلما انتهى الخبرُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه إلى السّماء، ثم قال: اللهمَّ إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد!

ثم دعا عليَّ بن أبي طالب - عليه السلام -، فقال: يا علي: اخرج إلى هؤلاء القوم؛ فانظر في أمرهم، واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك. فخرج حتى جاءهم ومعه مالٌ قد بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به، فودَى لهم الدماء وما أصيب من الأموال؛ حتى إنه لَيدِي مِيلغَةَ الكلب؛ حتى إذا لم يبقَ شيء من دم ولا مال إلَّا وَدَاه، بقيتْ معه بقيّة من المال. فقال لهم عليٌّ - عليه السلام - حين فرغ منهم: هل بقيَ لكم دم أو مال لم يودَ إليكم؟ قالوا: لا، قال: فإنّي أعطيكم هذه البقيّة من هذا المال احتياطًا لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ممَّا لا يعلم ولا تعلمون. ففعل، ثمَّ رجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الخبر، فقال: أصبت وأحسنت، ثم قامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستقبل القبلة قائمًا شاهرًا يديه؛ حتى إنه ليُرى بياضُ ما تحت منكبيه؛ وهو يقول: اللهمّ إنّي أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد، ثلاث مرات! (١) (٣: ٦٧/ ٦٨).

٣٢٣ - قال ابن إسحاق: وقد قال بعض مَنْ يَعْذِرُ خالدًا: إنه قال: ما قاتلت حتى أمرني بذلك عبد الله بن حُذافة السهميّ، وقال: إنَّ رسولَ الله قد أمرك بقتلهم لامتناعهم من الإسلام، وقد كان جَحْدم قال لهم حين وضعوا سلاحهم، ورأى ما يصنع خالد ببني جذيمة: يا بني جذيمة! ضاع الضّرب، قد كنت حذّرتكم ما وقعتم فيه (٢)! (٣: ٦٨).

٣٢٤ - حدَّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سلَمة عن ابن إسحاق، قال: حدَّثني


(١) ضعيف.
(٢) ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>