للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنساء منّي؛ وإني أخشى إن رأيتُ نساء بني الأصفر ألَّا أصبرَ عنهنَّ. فأعرض عنه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: قد أذنت لك؛ ففي الجدّ بن قيس نزلت هذه الآية: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي ... } الآية؛ أي: إن كان إنما يخشى الفتنة من نساء بني الأصفر - وليس ذلك به- فما سقط فيه من الفتنة بتخلّفه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والرغبة بنفسه عن نفسه أعظم؛ وإن جهنم لمن ورائه.

وقال قائل من المنافقين لبعض: لا تنفِرُوا في الحرّ، زهادةً في الجهاد، وشكًّا في الحقّ، وإرْجافًا بالرسول، فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم: {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} إلى قوله: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (١). (٣: ١٠١/ ١٠٢).

٣٦١ - ثمّ إن رجالًا من المسلمين أتوْا رسولَ الله؛ وهم البكّاؤُون، وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم، فاستحْملوا رسولَ الله، وكانوا أهلَ حاجة، فقال: {لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} هو قال: فبلَغني أن يامين بن عُمَير بن كدب النضْريّ لقيَ أبا ليلى عبد الرحمن بن كدب وعبد الله بن مُغَفَّل وهما يبكيان، فقال لهما: ما يُبْكيكما؟ قالا: جئنا رسول الله ليحمِلنا، فلم نجد عنده ما يحمِلُنا عليه، وليس عندنا ما نتقوَّى به على الخروج معه، فأعطاهما ناضحًا فارتحلاه، وزوَّدهما شيئًا من تَمْر، فخرجا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) هذا إسناد مرسل، ولم نجد رواية صحيحة تضمن كل هذه التفاصيل مجتمعة. ومرسل عروة هذا يكون من شطرين، فأما بالنسبة للشطر الأول ففي صحيح مسلم (كتاب التوبة / باب في الصدق في التوبة / ح ٢٧٦٩ مختصر صحيح مسلم للمنذري) من حديث كعب بن مالك الطويل: (وغزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فإنها إليها أصعر) وفيه أيضًا (فغزاها رسول الله في حر شديد واستقبل سفرًا بعبدًا ومفازًا).
والحديث أخرجه البخاري في كتاب المغازي / حديث كعب (ح ٤١٥٦) فقد أخرج البخاري في صحيحه / كتاب الجهاد / باب من أراد غزوة فورى بغيرها / (ح ٢٩٤٨) عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلما يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حرّ شديد واستقبل سفرًا بعيدًا ومفازًا واستقبل غزو عدد كثير فجلَّى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم أخبرهم بوجهه الذي يريد).
والحديث أخرجه مسلم (ح / ٢٧٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>