صدقات مُراد ومَن نازلهم أو نزل دارهم. وكان عمرو بن معد يكرب قد فارق قَومه سعد العشيرة في بني زُبيد وأخلافها، وانحاز إليهم، وأسلم معهم؛ فكان فيهم، فلمَّا ارتدّ العنسيّ واتَّبعه عوامّ مذحج، اعتزل فَرْوة فيمَن أقام معه على الإسلام، وارتدّ عمرو فيمن ارتدّ، فخلّفه العنسيّ، فجعله بإزاء فَرْوة، فكان بحياله، ويمتنع كل واحد منهما لمكان صاحبه من البَرَاح، فكانا يتهاديان الشعر، فقال عمرو يذكر إمارة فَرْوةَ ويعيبها:
وكنتَ إذا رأيتَ أبا عُمَيْر ... ترى الحُولاء من خُبْثٍ وَغَدْرِ
فأجابه فَزوة:
أتاني عن أبي ثَوْر كلامٌ ... وقِدْمًا كان في الأبغال يَجْرِي
وكان اللهُ يبغِضُهُ قديمًا ... عَلَى ما كان من خُبْثٍ وَغَدْرِ
فبينا هم كذلك قدم عكرمة أبْيَن (١). (٣: ٣٢٦/ ٣٢٧).
٩٣ - وكتب إليّ السري عن شعيب، عن سيف، عن سهل، عن القاسم وموسى بن الغصن، عن ابن مُحَيْريز، قال: فخرَج عكرمة من مَهْرة سائرًا نحو اليمن حتى وَرَد أبْيَن، ومعه بشَرٌ كثير من مَهْرة، وسعد بن زيد، والأزد، وناجية، وعبد القيس، وحُدْبان من بني مالك بن كنانة، وعمرو بن جندب من العَنْبَر، فجمع النَّخَع بعد من أصاب من مدبِّريهم فقال لهم: كيف كنتم في هذا الأمر؟ فقالوا له: كنَّا في الجاهليّة أهل دينٍ، لا نَتعاطَى ما تتعاطَى العرب بعضها من بعض، فكيف بنا إذا صرنا إلى دينٍ عرفنا فضلَه، ودخلَنا حبُّه! فسأل عنهم فإذا الأمر كما قالوا، ثبت عوامّهم وهربَ مَن كان فارق من خاصّتهم، واستبرأ النَّخَع وحِمْيَر، وأقام لاجتماعهم، وأرَزَ قيس بن عبد يغوث لهبوط عِكْرمة إلى اليمن إلى عمرو بن معد يكرب، فلَمَّا ضامَّه وقع بينهما تَنَازُع، فتعايَرَا، فقال عمرو بن معد يكرب يُعَيّر قيسًا غَدْرَه بالأبناء وقتْله داذويه، ويذكر فراره من فيروز:
غَدرتَ ولم تُحْسِنْ وَفَاءً ولم يكُنْ ... ليَحْتمل الأسبابَ إلّا المعوَّدُ