للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبني عمرو بن معاوية، ومن أطاعه من السَّكاسك والخَصائص من قبائل ما حولهم، وتباين لهذه الوقعة من بحضْرموت من القبائل، فثبتَ أصحاب زياد على طاعة زياد، ولجَّتْ كِنْدة، فلمَّا تباينت القبائل كتب زيادٌ إلى المهاجر؛ وكاتَبه النّاس فتلقّاه بالكتاب، وقد قطع صَهيد -مفازةٌ ما بين مأرب وحضرموت- واستخلف على الجيش عكْرمة، وتعجَّل في سَرَعان النَّاس، ثم سَار حتى قدم على زياد؛ فَنَهَد إلى كنْدة وعليهم الأشعث، فالتقوْا بمحجر الزُّرْقان فاقتتلوا به فهُزمت كندة، وقُتلت وخرجوا هُرّابًا، فالتجأتْ إلى النُّجَيْر وقد رَمُّوه، وحصّنوه، وقال في يوم مَحْجر الزُّرْقان المهاجر:

كُنَّا بزُرْقان إذ يُشَرِّدكُمْ ... بحرٌ يُزَجّي في مَوْجه الحطَبَا

نحن قتلناكُمُ بمحْجركم ... حتى ركبْتُمْ من خَوْفِنا السَّبَبَا

إلى حصارٍ يكون أهْوَنَه ... سَبْيُ الذَّرَارِي وسَوْقُها خَبَبَا

وسار المهاجر في النَّاس من مَحْجر الزُّرْقان حتى نزل على النُّجَير، وقد اجتمعت إليه كندة، فتحصنوا فيه، ومعهم من استغووْا من السكاسك، وشُذّاذ من السَّكون، وحضْرموت، والنُّجير، على ثلاثة سُبُل، فنزل زياد على أخدها، ونزل المهاجر على الآخر، وكان الثالث لهم يؤتون فيه، ويذهبون فيه، إلى أن قدم عِكْرِمة في الجيش، فأنزله على ذلك الطَريق، فقطع عليهم الموادّ وردّهم، وفرَّق في كِنْدة الخيول، وأمرَهم أن يُوطئوهم. وفيمن بعث يزيد بن قَنان من بني مالك بن سعد، فقتل من بقرى بني هند إلى بَرَهُوت، وبعث فيمَن بعث إلى السَّاحل خالدَ بن فلان المخزوميّ وربيعة الحضرميّ، فقتلوا أهل مَحَا، وأحياء أخَر؛ وبلغ كنْدة وهم في الحصار ما لقي سائر قومهم، فقالوا: الموت خير ممَّا أنتم فيه؛ جُزُّوا نواصيَكم حتى كأنَّكم قومٌ قد وهبتم لله أنفسَكم، فأنعم عليكم فبؤتم بنعمه؛ لعلَّه أن ينصرَكم على هؤلاء الظَّلَمة. فجزُّوا نواصيَهم، وتعاقدوا وتواثقوا ألّا يفرّ بعضهم عن بعض، وجعل راجزهم يرتجز في جوف الليل فوق حصنهم:

صَبَاحُ سَوْء لبني قَتِيرهْ ... وللأمير من بني المغيرهْ

وجعل راجزُ المسلمين زياد بن دينار يردّ عليهم:

لا توعِدُونا واصبروا حَصِيرهْ ... نحنُ خيولُ وَلدِ المغيرهْ

وفي الصبَاح تَظَفرُ العشيرهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>